وَأَمَّا الْحَوَالَةُ فَتَتَعَلَّقُ بِدَيْنٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ، وَهِيَ مُعَاوَضَةٌ عَلَى رَأْيٍ، وَقَبْضٍ مُقَدَّرٍ عَلَى رَأْيٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُرَكَّبَةِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْقَبْضِ. مِنْ وَجْهٍ، وَحُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ وَجْهٍ.
وَأَمَّا الصُّلْحُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً أَوْ إبْرَاءً أَوْ هِبَةً، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَلَى الْمَعْدُومِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ طَافِحَةٌ بِهَا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، بَلْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْإِبَاحَةُ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِكَسْبٍ مَعْدُومٍ، وَكَذَلِكَ مُعْظَمُ النُّذُورِ وَالْوُعُودِ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِمَعْدُومٍ.
[قَاعِدَةٌ فِيمَا يُقْبَلُ مِنْ التَّأْوِيلِ وَمَا لَا يُقْبَلُ]
ُ مَنْ ذَكَرَ لَفْظًا ظَاهِرًا مَعَ الْأَدِلَّةِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ لَمْ يُقْبَلْ تَأْوِيلُهُ فِي الظَّاهِرِ إلَّا فِي صُورَةٍ يَكُونُ إقْرَارُهُ فِيهَا مَبْنِيًّا عَلَى ظَنِّهِ، فَإِقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِنَفْيِ الرَّجْعَةِ، وَإِقْرَارُ الْمُشْتَرِي فِي الْخِصَامِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الْبَائِعِ، فَإِنَّ تَأْوِيلَهُمَا مَقْبُولٌ وَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمَا بِظَاهِرِ إقْرَارِهِمَا، إذَا تَأَوَّلَاهُ لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا لَا يُنَاقِضُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إقْرَارَهُمَا لَا مَحَلَّ لَهُ إلَّا ظَنُّهُمَا، وَلَيْسَ تَكْذِيبُ الظَّنِّ بِمُنَاقِضٍ لِتَحَقُّقِ الظَّنِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَظُنُّ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ كَذِب ظَنِّي.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ إذَا أَدَّى النُّجُومَ اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ ظَهَرَتْ النُّجُومُ مُسْتَحَقَّةً، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ إذَا تَأَوَّلَ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ عِتْقٌ بِأَدَاءِ النُّجُومِ، وَنَحْوُهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى فُلَانٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَبْطُلُ إلَّا فِي الْحَصْرِ، لِأَنَّهُ أَسْنَدَ شَهَادَتَهُ بِذَلِكَ إلَى ظَاهِرٍ وَيَبْقَى الْحَصْرُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ أُخَرُ.
وَأَمَّا قَبُولُهُ فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ أَحْوَالٌ: إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَابِلًا لِتَأْوِيلِهِ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا وَلَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، فَلَوْ طَلَّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute