للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاهُمَا أَلَّا يَكُونَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ - فَإِخْفَاؤُهَا أَفْضَلُ، إذْ لَا يَأْمَنُ مِنْ الرِّيَاءِ عِنْدَ الْإِظْهَارِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ كَانَ الْإِبْدَاءُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ سَدِّ خُلَّةِ الْفُقَرَاءِ مَعَ مَصْلَحَةِ الِاقْتِدَاءِ، فَيَكُونُ قَدْ نَفَعَ الْفُقَرَاءَ بِصَدَقَتِهِ وَبِتَسَبُّبِهِ إلَى تَصَدُّقِ الْأَغْنِيَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ نَفَعَ الْأَغْنِيَاءَ بِتَسَبُّبِهِ إلَى اقْتِدَائِهِمْ بِهِ فِي نَفْعِ الْفُقَرَاءِ.

[قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ]

(قَاعِدَةٌ فِي بَيَانِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ وَالْمُرَكَّبَةِ) جَلْبُ الْمَصَالِحِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْخَالِقِ كَالطَّاعَةِ وَالْإِيمَانِ، وَتَرْكِ الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ وَحُقُوقُ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا هُوَ خَالِصٌ لِلَّهِ كَالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَيْهَا، وَالْإِيمَانِ بِمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، كَالْإِيمَانِ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، وَبِمَا تَضَمَّنَتْهُ الشَّرَائِعُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَبِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.

الثَّانِي: مَا يَتَرَكَّبُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْمَنْدُوبَاتِ، وَالضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَالْوَصَايَا وَالْأَوْقَافِ، فَهَذِهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ مِنْ وَجْهٍ، وَنَفْعٌ لِعِبَادِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَالْغَرَضُ الْأَظْهَرُ مِنْهَا نَفْعُ عِبَادِهِ وَإِصْلَاحُهُمْ بِمَا وَجَبَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ نَدْبٌ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ لِبَاذِلِيهِ وَرِفْقٌ لِآخِذِيهِ.

الثَّالِثُ: مَا يَتَرَكَّبُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُقُوقِ الْمُكَلَّفِ وَالْعِبَادِ، أَوْ يَشْتَمِلُ عَلَى الْحُقُوقِ الثَّلَاثَةِ. وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا الْأَذَانُ فِيهِ الْحُقُوقُ الثَّلَاثَةُ أَمَّا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَالتَّكْبِيرَاتُ وَالشَّهَادَةُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ.

وَأَمَّا حَقُّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالشَّهَادَةُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ، وَأَمَّا حَقُّ الْعِبَادِ فَبِالْإِرْشَادِ إلَى تَعْرِيفِ دُخُولِ الْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْمُنْفَرِدِينَ، وَالدُّعَاءُ إلَى الْجَمَاعَاتِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي.

وَكَذَلِكَ الْإِقَامَةُ، حَقُّ اللَّهِ مِنْهَا التَّكْبِيرَاتُ وَالشَّهَادَةُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَالرَّسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>