[فَصْلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمَاثُلُ مِنْ الزَّوَاجِرِ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ]
ُ الْأَصْلُ فِي الْقِصَاصِ التَّمَاثُلُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ اعْتِبَارُهُ إلَى إغْلَاقِ بَابِ الْقِصَاصِ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: التَّسَاوِي فِي أَجْرَامِ الْأَعْضَاءِ كَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَالْأَنْفِ وَالشِّفَاهِ وَالْجُفُونِ وَسُمْكِ اللَّحْمِ فِي الْجِرَاحِ، لَوْ شَرَطَ التَّسَاوِيَ بَيْنَ أَجْرَامِهِمَا لَمَا وَجَبَ الْقِصَاصُ إلَّا فِي أَنْدَرِ الصُّوَرِ، بَلْ يُؤْخَذُ أَعْظَمُ الْعُضْوَيْنِ بِأَدْنَاهُمَا.
وَكَذَلِكَ تَفَاوُتُ الْجِرَاحِ فِي سُمْكِ مَا عَلَى الْعَظْمَ مِنْ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، بِخِلَافِ التَّسَاوِي فِي مِسَاحَاتِ الْجِرَاحَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ وَالْأَبَدَانِ، فَإِنَّا نَأْخُذُ مِسَاحَتَهَا فِي الطُّولِ وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ لَا يُؤَدِّي إلَى إغْلَاقِ بَابِ الْقِصَاصِ، وَلَا نَظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ فِي سُمْكِ اللَّحْمِ الْمُجَلِّلِ لِلرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ تَسَاوِيهِ لَأُغْلِقَ بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْجِرَاحِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: مَنَافِعُ الْأَعْضَاءِ كَبَطْشِ الْيَدَيْنِ وَمَشْيِ الرِّجْلَيْنِ وَبَصَرِ الْعَيْنَيْنِ وَسَمْعِ الْأُذُنَيْنِ وَذَوْقِ اللِّسَانِ، لَوْ شَرَطَ فِيهَا التَّسَاوِيَ عَلَى حِيَالِهَا لَمَا وَجَبَ فِيهَا قِصَاصٌ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: التَّسَاوِي فِي الْعُقُولِ، إذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ فِيهَا لَوْ اُعْتُبِرَ التَّسَاوِي لَسَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهَا، وَلَا وُقُوفَ لَنَا عَلَى تَسَاوِي الْعُقُولِ بَلْ يُؤْخَذُ أَتَمُّ الْعُقُولِ بِأَقَلِّهَا، وَأَنْفُذُ الْأَبْصَارِ بِأَضْعَفِهَا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْمَشْيِ وَالْبَطْشِ وَسَائِرِ مَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَقَطْعُ أَيْدِي الْجَمَاعَةِ بِقَطْعِ يَدِ الْوَاحِدِ، لَوْ اعْتَبَرْنَا فِيهَا التَّسَاوِي لَسَقَطَ الْقِصَاصُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ بِتَوَاطُؤِ الْجَمْعِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute