فِي مِيزَانِ الشَّرْعِ فَأُولَئِكَ أَهْلُ الْخُسْرَانِ، وَتَتَفَاوَتُ خِفَّتُهُمْ فِي الْمِيزَانِ، وَأَخَسُّهَا مَرَاتِبُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا تَزَالُ الْمَرَاتِبُ تَتَنَاقَصُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مَنْزِلَةِ مُرْتَكِبِ أَصْغَرِ الصَّغَائِرِ، فَإِذَا رَأَيْت إنْسَانًا يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَيَمْشِي عَلَى الْمَاءِ أَوْ يُخْبِرُ بِالْمَغِيبَاتِ، وَيُخَالِفُ الشَّرْعَ بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مُحَلِّلٍ، أَوْ يَتْرُكُ الْوَاجِبَاتِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مُجَوِّزٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ شَيْطَانٌ نَصَبَهُ اللَّهُ فِتْنَةً لِلْجَهَلَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ لِلضَّلَالِ، فَإِنَّ الدَّجَّالَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فِتْنَةً لِأَهْلِ الضَّلَالِ، وَكَذَلِكَ يَأْتِي الْخَرِبَةَ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، وَكَذَلِكَ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَيَدْخُلُ النِّيرَانَ فَإِنَّهُ مُرْتَكِبٌ الْحَرَامَ بِأَكْلِ الْحَيَّاتِ، وَفَاتِنُ النَّاسِ بِدُخُولِ النِّيرَانِ لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي ضَلَالَتِهِ وَيُتَابِعُوهُ عَلَى جَهَالَتِهِ.
[فَصْلٌ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الْحَادِثَاتِ عَلَى بَعْضِ الْجَوَاهِرِ]
فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْمَوْجُودَاتِ الْحَادِثَاتِ عَلَى بَعْضِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ الْأَجْسَامُ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةٌ مِنْ جِهَةِ ذَوَاتِهَا، وَإِنَّمَا يُفَضَّلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِصِفَاتِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَأَنْسَابِهَا إلَى الْأَوْصَافِ الشَّرِيفَةِ وَالْأَفْعَالِ النَّفِيسَةِ.
وَالْفَضَائِلُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا فَضَائِلُ الْجَمَادَاتِ كَفَضْلِ الْجَوْهَرِ عَلَى الذَّهَبِ وَفَضْلِ الذَّهَبِ عَلَى الْفِضَّةِ، وَفَضْلِ الْفِضَّةِ عَلَى الْحَدِيدِ، وَفَضْلِ الْأَنْوَارِ عَلَى الظُّلُمَاتِ، وَفَضْلِ الشَّفَّافِ عَلَى غَيْرِ الشَّفَّافِ، وَفَضْلِ اللَّطِيفِ عَلَى الْكَثِيفِ، وَالنَّيِّرِ عَلَى الْمُظْلِمِ، وَالْحَسَنِ عَلَى الْقَبِيحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute