فِيهَا عَلَى نِيَّةِ الْجِهَادِ - فَيُثَابُ حَاضِرُوهَا عَلَى نِيَّةِ الْجِهَادِ - وَعَلَى التَّسَبُّبِ إلَيْهِ بِالْإِقَامَةِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ حِرَاسَتُهَا مِمَّنْ يَقْصِدُهَا مِنْ الْكُفَّارِ.
وَأَمَّا فَضِيلَةُ الْمَسَاجِدِ فَلَيْسَتْ رَاجِعَةً إلَى أَجْرَامِهَا وَلَا إلَى أَعْرَاضٍ قَامَتْ بِأَجْرَامِهَا، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ فَضِيلَتُهَا إلَى مَقْصُودِهَا مِنْ إقَامَةِ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمُعَاتِ فِيهَا.
وَكَذَلِكَ الِاعْتِكَافُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهَا، وَإِيدَاعُ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ لِهَذِهِ الْفَضَائِلِ كَإِيدَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ لَيْسَ إلَّا جُودًا مِنْ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ الرُّسُلُ لِقَوْمِهِمْ: {إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: ١١] .
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ الشِّرَافِ لَمْ يَضَعْهَا الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِمَعْنَى اقْتَضَاهَا وَاسْتَدْعَاهَا، بَلْ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ.
وَكَذَلِكَ مَا مَنَّ بِهِ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ وَحُسْنِ الْأَخْلَاقِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا فَضْلًا مِنْ فَضْلِهِ وَجُودًا مِنْ جُودِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَكَذَلِكَ الْأَمَاكِنُ وَالْأَزْمَانُ أَوْدَعَ اللَّهُ فِي بَعْضِهَا فَضْلًا لَا وُجُودَ لَهُ فِي غَيْرِهَا، مَعَ الْقَطْعِ بِالتَّمَاثُلِ وَالْمُسَاوَاةِ، وَكَذَلِكَ الْأَجْسَامُ الَّتِي فَضُلَتْ بِأَعْرَاضِهَا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ.
[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ إلَى فُرُوضِ كِفَايَاتٍ وَفُرُوضِ أَعْيَانٍ]
اعْلَمْ أَنَّ الْمَصَالِحَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ لِعِظَمِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فِي تَرْكِهِ وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَتَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ إلَى نَيْلِ رُتْبَةِ الْفُتْيَا، وَكَجِهَادِ الطَّلَبِ وَجِهَادِ الدَّفْعِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّينَ، وَكُسْوَةِ الْعَارِينَ وَإِغَاثَةِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَالْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ بَيْنَ ذَوِي الِاخْتِصَامِ، وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى وَالشَّهَادَاتِ، وَتَجْهِيزِ الْأَمْوَاتِ، وَإِعَانَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ.
وَالثَّانِي: فَرْضٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute