الْمِثَالُ الْخَامِسُ: لَوْ زَنَى بِهَا إنْسَانٌ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الزِّنَا وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ الْوَطْءَ فَإِنَّا نُلْحِقُهُ بِالزَّوْجِ مَعَ ظُهُورِ صِدْقِهِ بِالْأَصْلِ وَالْغَلَبَةِ وَمَعَ ظُهُورِ كَوْنِهِ مِنْ الزَّانِي بِوَضْعِهِ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، لَكِنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ بِاللِّعَانِ، وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ أَنْ يَلْزَمَ بِضَرَرٍ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ.
الْمِثَالُ السَّادِسُ: لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا بِقُرْءٍ ثُمَّ أَتَتْ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَمَةَ فِرَاشٌ حَقِيقِيٌّ، وَهَذِهِ مُدَّةٌ غَالِبَةٌ فَكَيْفَ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِفِرَاشٍ حَقِيقِيٍّ مَعَ غَلَبَةِ الْمُدَّةِ، وَيَلْحَقُ بِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ مَعَ قِلَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ نُدْرَةِ الْوِلَادَةِ فِي مِثْلِهَا؟ وَقَدْ خَالَفَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
[فَائِدَةٌ هَلْ لَا يَلْحَق الْوَلَدَ إلَّا لِسِتَّةِ أَشْهُر]
(فَائِدَةٌ) قَدْ يَظُنُّ بَعْضُ الْأَغْبِيَاءِ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ إلَّا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَوْ جَنَى عَلَى الْحَامِلِ فَأَجْهَضَتْ جَنِينًا مَيِّتًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِأَبَوَيْهِ وَتَثْبُتُ الْغُرَّةُ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَجْهَضَتْهُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لَكَانَ مُؤْنَةُ تَكْفِينِهِ وَتَجْهِيزِهِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَشْهُرِ الْوَلَدُ الْكَامِلُ دُونَ النَّاقِصِ.
الْمِثَالُ السَّابِعُ: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقْبَلُ تَفْسِيرَهُ بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ وَهَذِهِ خِلَافٌ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَعَلَّلَ الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَهُ بِأَنَّ الْعَظِيمَ لَا ضَابِطَ لَهُ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هِمَمِ النَّاسِ، فَقَدْ يَرَى الْفَقِيرُ الْمُدْقِعُ الدِّينَارَ عَظِيمًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَالْغَنِيُّ الْمُكْثِرُ قَدْ لَا يَرَى الْمِئِينَ عَظِيمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى غِنَائِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَظَمَةِ ضَابِطٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ إلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فِي اللُّغَةِ حَمْلًا لِلْعَظَمَةِ عَلَى الصِّفَةِ بِكَوْنِهِ حَلَالًا أَوْ خَالِصًا مِنْ الشُّبْهَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى النِّصَابِ الزَّكَوِيِّ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute