للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْأَنْكِحَةِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالشُّهُودِ تَمْيِيزًا لِلنِّكَاحِ عَنْ السِّفَاحِ وَدَرْءًا لِلتُّهْمَةِ عَنْ الِافْتِضَاحِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: كُلُّ شَيْءٍ عَسِرَ اجْتِنَابُهُ فِي الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّرْعَ يَسْمَحُ فِي تَحَمُّلِهِ كَبَيْعِ الْفُسْتُقِ فِي قِشْرِهِ وَمَا لَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَنْكِحَةِ رُؤْيَةُ الْمَنْكُوحَةِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا لِمَا فِي شَرْطِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَلِذَلِكَ تَقَدَّرَتْ مُدَّةُ النِّكَاحِ بِعُمُرِ أَقْصَرِ الزَّوْجَيْنِ عُمُرًا، وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ تَكُونَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ، وَلَيْسَ النِّكَاحُ نَقْلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ يُثْبِتُ لِلزَّوْجِ مِنْ حُقُوقِ الِاسْتِمْتَاعِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالنَّقْلِ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنْشَاءُ تَمْلِيكٍ مِنْ وَجْهٍ، وَلَا يَتَصَرَّفُ الزَّوْجُ فِي إزَالَتِهِ إلَّا بِالْإِسْقَاطِ دُونَ النَّقْلِ فِيمَا أَنْشَأَهُ الْمَوْلَى مِنْ حَقِّ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لِلْمَرْأَةِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَسْرِي مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ]

ٌ أَحَدُهَا: أَنْ يُعْتِقَ مِنْ عَبْدِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا أَوْ شَائِعًا فَيَسْرِي إلَى سَائِرِهِ لِمَا فِي تَحْصِيلِ الْعِتْقِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْأَحْرَارِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ يُعْتِقَ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ جُزْءًا مُعَيَّنًا أَوْ شَائِعًا فَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى بَقِيَّتِهِ، وَلَا يَسْرِي الْعِتْقُ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ إلَّا إعْتَاقَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى جَنِينِهَا، وَلَوْ أَعْتَقَ الْجَنِينَ يَسْرِي إلَى أُمِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إذَا طَلَّقَ مِنْ امْرَأَتِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا أَوْ شَائِعًا سَرَى الطَّلَاقُ إلَى بَقِيَّتِهَا احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ بِخِلَافِ الْأَوْقَافِ وَالصَّدَقَاتِ، فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا مَقْصُورٌ عَلَى مَحَلِّهِ.

الْمِثَالُ الرَّابِعُ: الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ، وَخَالَفَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي عَفْوِ الشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>