حَتَّى يُقَالَ إذَا وَجَبَتْ عَلَى الْمَعْذُورِ فَوُجُوبُهَا عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إكْرَامٌ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - لِلْعَبْدِ، وَقَدْ سَمَّاهُ جَلِيسًا لَهُ «وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إذَا كَانَ سَاجِدًا» ، وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَ هَذَا أَنْ يُقَالَ إذَا أَكْرَمَ الْمَعْذُورَ بِالْمُجَالَسَةِ وَالتَّقْرِيبِ كَانَ الْعَاصِي الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ أَوْلَى بِالْإِكْرَامِ وَالتَّقْرِيبِ، وَمَا هَذَا إلَّا بِمَثَابَةِ مَنْ يُرَتِّبُ الْكَرَامَةَ عَلَى أَسْبَابِ الْإِهَانَةِ فَيَقُولُ إذَا كَفَفْت عَنْ عُقُوبَةِ الْإِعْفَاءِ كَانَ الْكَفُّ عَنْ حَدِّ الزُّنَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَشَرَبَةِ الْخَمْرِ وَالْجُنَاةِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ أَوْلَى، وَهَذَا قَطْعٌ لِلْمُنَاسَبَةِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَمُسَبَّبَاتِهَا.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَخْفِيفَاتِ الشَّرْعِ]
ِ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا تَخْفِيفُ الْإِسْقَاطِ كَإِسْقَاطِ الْجُمُعَاتِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِأَعْذَارٍ مَعْرُوفَةٍ، وَمِنْهَا تَخْفِيفُ التَّنْقِيصِ كَقَصْرِ الصَّلَاةِ، وَتَنْقِيصِ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْمَرِيضُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَوَاتِ كَتَنْقِيصِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا إلَى الْقَدْرِ الْمَيْسُورِ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا تَخْفِيفُ الْأَبْدَالِ كَإِبْدَالِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِالتَّيَمُّمِ، وَإِبْدَالِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالْقُعُودِ، وَالْقُعُودِ بِالِاضْطِجَاعِ، وَالِاضْطِجَاعُ بِالْإِيمَاءِ، وَإِبْدَالُ الْعِتْقِ بِالصَّوْمِ، وَكَإِبْدَالِ بَعْضِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِالْكَفَّارَاتِ عِنْدَ قِيَامِ الْأَعْذَارِ وَمِنْهَا تَخْفِيفُ التَّقْدِيمِ كَتَقْدِيمِ الْعَصْرِ إلَى الظُّهْرِ.
وَالْعِشَاءِ إلَى الْمَغْرِبِ فِي السَّفَرِ وَالْمَطَرِ، وَكَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى حَوْلِهَا وَالْكَفَّارَةِ عَلَى حِنْثِهَا.
وَمِنْهَا تَخْفِيفُ التَّأْخِيرِ كَتَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ إلَى الْعِشَاءِ وَرَمَضَانَ إلَى مَا بَعْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute