[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ]
وَقَدْ يَتَعَارَضُ أَصْلٌ وَظَاهِرٌ، وَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ اسْتِصْحَابًا بَلْ لِمُرَجِّحٍ يَنْضَمُّ إلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: طِينُ الشَّارِعِ فِي الْبُلْدَانِ فِي نَجَاسَتِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نَجَسٌ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: الْمَقْبَرَةُ الْقَدِيمَةُ الْمَشْكُوكُ فِي نَبْشِهَا فِي تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْقُبُورِ النَّبْشُ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بِمُخَامَرَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي النَّفَقَةِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا وَتَلَازُمِهِمَا وَمُشَاهَدَةِ مَا يَنْقُلُهُ الزَّوْجُ إلَى مَسْكَنِهِمَا مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ.
فَالشَّافِعِيُّ يَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَمَالِكٌ يَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي الْعَادَةِ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ أَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ مُثِيرَةٌ لِلظَّنِّ بِصِدْقِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الِاسْتِصْحَابِ فِي الدُّيُونِ فَإِنَّهُ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute