للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَعَلَّقَتْ الدَّعَاوَى بِالْأَبْضَاعِ؛ وَلِأَنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ بِالْحُقُوقِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا ظُلْمٌ، وَلَا تَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَى الظُّلْمِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنْصُرُ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» وَأَرَادَ بِنَصْرِ الظَّالِمِ أَنْ يَزَعَهُ عَنْ الظُّلْمِ وَيَكُفَّهُ عَنْهُ كَمَا فَسَّرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَأَمَّا الْمُبْطِلُ فَهُوَ الَّذِي يَجْحَدُ مَا يَجْهَلُ وُجُوبَهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهَذَا لَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهِ آثِمًا دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ تَأَخُّرِ الْحَقِّ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الطَّلَاقَ وَالْأَمَةُ الْعَتَاقَ فَأَنْكَرَهُمَا، وَكَانَ وَكِيلُهُ قَدْ طَلَّقَ الزَّوْجَةَ وَأَعْتَقَ الْأَمَةَ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.

وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ وَكِيلُهُ شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ عَنْ مِلْكِهِ فَأَنْكَرَهُ ظَنًّا أَنَّ الْوَكِيلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً فِي صِغَرِهِ فَادَّعَتْ عَلَيْهِ حُقُوقَ النِّكَاحِ فِي كِبَرِهِ فَأَنْكَرَهَا بِنَاءً عَلَى جَهْلِهِ بِالنِّكَاحِ، فَيَجِبُ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطُّرُقِ فِي إيصَالِهَا وَفِي حُقُوقِ النِّكَاحِ فَوُجُوبُهَا عَلَى الصِّحَّةِ، فَإِنَّ الْمَطْلَ بِالْحَقِّ بَعْدَ طَلَبِهِ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ عَلَى مَنْ عَلِمَهَا.

[فَائِدَةٌ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إخْبَارِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ]

(فَائِدَةٌ) الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إخْبَارِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ آكَدُ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ عُدُولِ الْأَزْمَانِ بَعْدَهُمْ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عُدُولِ سَائِرِ الْقُرُونِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إغْلَاقِ بَابِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، بَلْ الْمُوجِبُ لِقَبُولِ شَهَادَةِ الصَّحَابَةِ إنَّمَا هُوَ مُسَاوَاتُهُمْ إيَّانَا فِي حِفْظِ الْمُرُوءَةِ، وَالِانْكِفَافِ عَنْ الْكَبَائِرِ، وَعَنْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَالزِّيَادَةُ مُؤَكَّدَةٌ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْقَبُولِ.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعَدَالَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْقُضَاةِ وَالْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، إذْ لَوْ شُرِطَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ

لَفَاتَتْ الْمَصَالِحُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُضَاةِ وَالْخُلَفَاءِ

وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْوُلَاةِ، بَلْ لَوْ تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَمَا جَازَ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ قَدَّمْنَا أَمْثَلَ الْفَسَقَةِ فَأَمْثَلَهُمْ، وَأَصْلَحَهُمْ لِلْقِيَامِ بِذَلِكَ فَأَصْلَحَهُمْ، بِنَاءً عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>