تَأْوِيلُهُ وَاعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ وَفَاتَ بِسَبَبِهَا حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ وَاسْتُحِلَّتْ بِذَلِكَ الْأَمْوَالُ وَالْأَبْضَاعُ، فَإِذَا حَلَفَ مَا طَلَّقَهَا أَوْ مَا أَعْتَقَهَا أَوْ مَا بِعْته أَوْ مَا قَتَلَتْهُ وَمَا قَذَفَتْهُ وَتَأَوَّلَ يَمِينَهُ بِمَا يَصِحُّ فِي اللُّغَةِ مُبْطِلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَانْتُهِكَتْ حُرْمَةُ الْأَبْضَاعِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، وَلَبِيعَ الْأَحْرَارُ وَلَزُنِيَ بِالنِّسَاءِ، فَلَمَّا جَرَّ اعْتِبَارُ تَأْوِيلِهِ هَذَا الْفَسَادَ الْعَظِيمَ سَقَطَ تَأْوِيلُهُ فَاسْتُثْنِيَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ وَتَأَوَّلَ يَمِينَهُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ الْآنَ صَحَّ تَأْوِيلُهُ وَلَا يُؤَاخَذُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ تَأْوِيلِهِ هَهُنَا لَا يُؤَدِّي إلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بَلْ خَصْمُهُ ظَالِمٌ بِمُطَالَبَتِهِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِعُسْرِهِ أَوْ مُخْطِئٌ بِمُطَالَبَتِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِعُسْرِهِ فَلَا تُغَيَّرُ الْقَوَاعِدُ لِخَطَأِ الْمُخْطِئِينَ وَلَا لِظُلْمِ الظَّالِمِينَ، بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ بِغَيْرِ حَقٍّ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَكَانَ مُؤَدِّيًا إلَى الْمَفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ يَمِينُك عَلَى مَا يُصَدِّقُك عَلَيْهِ صَاحِبُك» ، يُرِيدُ بِالْمُسْتَحْلِفِ الْحَاكِمَ وَبِالصَّاحِبِ الْخَصْمَ.
وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ فِي اللِّعَانِ إذَا تَأَوَّلَهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَأْوِيلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْقَذْفِ فِي الرَّجُلِ وَإِبْطَالِ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ.
وَكَذَلِكَ يَمِينُ الْمُدَّعِينَ فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَفِي رَدِّ الْوَدَائِعِ وَتُلْفِهَا.
[فَصْلٌ فِيمَنْ أَطْلَقَ لَفْظًا لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمُقْتَضَاهُ]
إذَا نَطَقَ الْأَعْجَمِيُّ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ أَوْ أَيْمَانٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ مُقْتَضَاهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute