ذَكَرْنَاهُ.
وَكَذَلِكَ جَوَازُ اتِّبَاعِهِ فِيمَا أَوْرَدْنَاهُ، وَاتِّبَاعُ هَذِهِ الظُّنُونِ الْمَذْكُورَةِ سَبَبٌ لِعِلَاجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنَّ ظَنًّا هَذِهِ عَاقِبَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ لَا يَجْلِبُ خَيْرًا وَلَا يَدْفَعُ ضَيْرًا، فَأَكْرِمْ بِهِ مِنْ ظَنٍّ مُوجِبٍ لِرِضَا الرَّحْمَنِ وَسُكْنَى الْجِنَانِ، وَرُبَّمَا كَانَ كَثِيرًا مِنْ الْعُلُومِ مُؤَدِّيًا إلَى سَخَطِ الدَّيَّانِ وَخُلُودِ النِّيرَانِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا كَثِيرًا مِنْ أَرْبَابِ هَذِهِ الْعُلُومِ قَدْ فَارَقُوا الْإِسْلَامَ وَنَبَذُوا الْإِيمَانَ وَذَمُّوا عِلْمَ الشَّرَائِعِ وَمَدَحُوا عِلْمَ الطَّبَائِعِ {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٤] .
فَالسَّعَادَةُ كُلُّ السَّعَادَةِ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ، وَالتَّمَسُّكُ بِشَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَسُنَّةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَقَدْ بَعُدَ مِنْ اللَّهِ بِقَدْرِ مَا خَالَفَ مِنْهُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَسْتَكْثِرْ، وَسَيَعْلَمُ الْمَغْرُورُ إذَا انْقَشَعَ الْغُبَارُ أَفَرَسٌ تَحْتَهُ أَمْ حِمَارٌ؟ وَمَا مِثْلُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ إلَّا كَمِثْلِ الْمُنَافِقِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ كَذِبِ الظُّنُونِ]
وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: مِنْهَا إذَا صَلَّى إلَى جِهَةٍ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ كَذِبُ ظَنِّهِ فَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ فَصَلَّى بِالِاسْتِصْحَابِ ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُ ظَنِّهِ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِاهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِطَهَارَةِ الْحَدَثِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ إذَا رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمُسَافِرُ رَكْبًا فَظَنَّ أَنَّ مَعَهُمْ مَاءً فَأَخْلَفَ ظَنَّهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute