للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُلَمَاءِ رَدَّ شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُكَذِّبُهُمَا، فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْجَمْعَ الْكَثِيرَ إذَا رَأَوْا الْهِلَالَ شَهَرُوهُ وَتَفَوَّهُوا بِرُؤْيَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَتَفَوَّهْ بِرُؤْيَتِهِ إلَّا الشَّاهِدَانِ دَلَّ الظَّاهِرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْعَادَةِ عَلَى كَذِبِهِمَا أَوْ عَلَى ضَعْفِ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِمَا، فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ وَلَا يُكَذَّبُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّلَائِلِ إلَّا نَادِرًا، فَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ الشَّرْعُ عَلَيْهَا

كَيْ لَا تَفُوتَ

مَصَالِحُ كَثِيرَةٌ غَالِبَةٌ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِ مَفَاسِدَ قَلِيلَةٍ نَادِرَةٍ.

[فَائِدَةٌ يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ الظُّهُورِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِصْحَابِ]

(فَائِدَةٌ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ الظُّهُورِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِصْحَابِ، وَلَا نَجْتَزِي فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِمُجَرَّدِ الظُّهُورِ وَلَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِصْحَابِ حَتَّى نَضُمَّ إلَيْهِمَا ظَنًّا مُسْتَفَادًا مِنْ سَبَبٍ آخَرَ.

وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا لَنْ نَجْمَعَ بَيْنَ ظَنَّيْنِ مُسْتَفَادَيْنِ ظَاهِرَيْنِ كَتَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ فِي يَدِهِ، فَإِنَّ يَدَهُ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَكَذَلِكَ يَمِينُهُ ظَاهِرَةٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِهِ، إذْ الْغَالِبُ مِمَّنْ يَعْرِفُ الرَّبَّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَتَجَرَّأُ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ كَاذِبًا.

الْمِثَالُ الثَّانِي: تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ حَتَّى نَضُمَّ إلَيْهِ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ يَمِينِهِ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: لَا نَجْتَزِي بِالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ اسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهِ ظَنٌّ مُسْتَفَادٌ مِنْ ظَاهِرٍ كَتَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْهُمَا، وَلَا نَكْتَفِي بِالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ حَتَّى نَضُمَّ إلَيْهِ الْمُسْتَفَادَ مِنْ يَمِينِهِ.

الْمِثَالُ الرَّابِعُ: مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إنَاءٌ طَاهِرٌ بِإِنَاءٍ نَجِسٍ، أَوْ ثَوْبٌ طَاهِرٌ بِثَوْبٍ نَجِسٍ فَأَرَادَ اسْتِعْمَالَ أَحَدِهِمَا بِنَاءً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>