ارْضَ لِمَنْ غَابَ عَنْك غَيْبَتَهُ ... فَذَاكَ ذَنْبٌ عِقَابُهُ فِيهِ
وَفَّقَنَا اللَّهُ لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَالْإِصْغَاءِ، إلَيْهِ، وَلَمَّا لَمْ يُدَانِ الْأَنْبِيَاءَ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ، لَمْ يُدَانِهِمْ فِي أَدَائِهَا أَحَدٌ، لِأَنَّ رَكْعَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ رَكَعَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِهِمْ لِكَمَالِهَا فِي الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ آدَابِهَا: مِنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى رَبِّهِمْ، وَكَذَلِكَ قِيَامُ لَيْلَةٍ مِنْهُمْ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِهِمْ لِمَا فِي عِبَادَاتِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ كَمَالِ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَمَا فِي عِبَادَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ النَّقْصِ وَالْإِخْلَالِ، وَكَذَلِكَ أَحْوَالُهُمْ وَمَعَارِفُهُمْ فِي حُضُورِهِمْ بِغَيْرِ اسْتِحْضَارٍ وَدَوَامُهَا عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ.
[فَصْلٌ فِي تَعْرِيفِ مَا يَظْهَرُ مِنْ مَعَارِفِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْوَالِهِمْ]
ْ لِلْأَحْوَالِ آثَارٌ تَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ وَالْأَبْدَانِ، فَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ مَرَاتِبِ الرِّجَالِ فَانْظُرْ إلَى مَا يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْآثَارِ، وَيَغْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ آثَارُ الْخَوْفِ كَالْبُكَاءِ وَالِاقْشِعْرَارِ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَعِيدِ فَهُوَ مِنْ الْخَائِفِينَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السُّرُورُ وَالِاسْتِبْشَارُ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَعْدِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الرَّاجِينَ وَمَنْ غَلَبَا عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا فَهُوَ مِنْ الْخَائِفِينَ الرَّاجِينَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَشَاشَةُ وَالْبَشَاشَةُ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَمَالِ فَهُوَ مِنْ الْمُحِبِّينَ، الرَّاجِينَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِانْقِبَاضُ وَالذُّلُّ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ فَهُوَ مِنْ الْهَائِبِينَ الْمُعَظِّمِينَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِانْقِطَاعُ عَنْ الْأَسْبَابِ عِنْدَ نُزُولِ النَّوَازِلِ وَحُلُولِ الْمَصَائِبِ فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَكِّلِينَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ فَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute