بِأَكْلِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بَلْ يَأْثَمُ بِهِ إثْمَ الْوَسَائِلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ الْجَانِي بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ أَثِمَ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، وَلَا يَأْثَمُ إثْمَ مَنْ قَتَلَ مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي قَتْلِهِ.
وَكَذَلِكَ الْوَسَائِلُ إلَى الْمَصَالِحِ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا مِثْلَ ثَوَابِ الْمَصَالِحِ، فَإِنَّ صَلَاةَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ صَلَاتَيْنِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُمَا، وَلَا يُثَابُ عَلَى الْوَسِيلَةِ مِنْهُمَا مِثْلَ ثَوَابِ الْوَاجِبَةِ مِنْهُمَا، وَلِذَلِكَ فَعَلَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَأَمَّا الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ فَلَيْسَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ هُوَ الشُّبْهَةُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى خِلَافِ عَطَاءٍ فِي إبَاحَةِ الْجَوَازِ، وَإِنَّمَا الشُّبْهَةُ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَدِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، فَإِنَّ الْحَلَالَ مَا قَامَ دَلِيلُ تَحْلِيلِهِ، وَالْحَرَامَ مَا قَامَ دَلِيلُ تَحْرِيمِهِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ مِلْكَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَقْتَضِي التَّحْلِيلَ وَمِلْكَ الْآخَرِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَإِنَّمَا غَلَبَ دَرْءُ الْحُدُودِ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعُظْمَى فِي اسْتِيفَاءِ الْإِنْسَانِ لِعِبَادَةِ الدَّيَّانِ، وَالْحُدُودُ أَسْبَابٌ مُحْظِرَةٌ فَلَا تَثْبُتُ إلَّا عِنْدَ كَمَالِ الْمَفْسَدَةِ وَتَمَحُّضِهَا، وَخَالَفَ الظَّاهِرَةَ فِي شُبْهَةٍ لَا تَدْفَعُ التَّحْرِيمَ كَوَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الزِّنَا عِبَارَةٌ عَنْ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا لِأَنَّ الْعَرَبَ وَصَفُوا اسْمَ الزِّنَا لِمَنْ وَطِئَ بُضْعًا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَاسْتِعْمَالُ الزِّنَا فِي وَطْءٍ يُمْلَكُ بَعْضُهُ يَكُونُ تَجَوُّزًا أَوْ اشْتِرَاكًا وَكِلَاهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَمِثْلُ دَرْءِ الْحَدِّ بِوَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ دَرْءُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ.
[قَاعِدَةٌ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِعِبَادِهِ السَّعْيَ فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحَ عَاجِلَةٍ وَآجِلَةٍ تَجْمَعُ كُلُّ قَاعِدَةٍ مِنْهَا عِلَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهَا مَا فِي مُلَابَسَتِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute