[فَصْلٌ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَغْلَبِ فِي الْعَادَاتِ وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ]
مِنْهَا: أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ غَالِبِهِ إنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ، أَوْ مِنْ أَغْلَبِهِ إنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ بَعْضُهَا أَغْلَبُ مِنْ بَعْضٍ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ شَاةٌ مِنْ شِيَاهِ الْبَلَدِ.
وَمِنْهَا: وُجُوبُ الْفِطْرَةِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ الْقَوْلِيَّ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ صَدَرَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ صَالِحٌ لِلِاسْتِنَادِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَغْلَبِهَا. فَمِنْ هَذَا تَصَرُّفُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفُتْيَا وَالْحُكْمِ وَالْأَمَانَةِ الْعُظْمَى، فَإِنَّهُ إمَامُ الْأَئِمَّةِ، فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ حُمِلَ عَلَى أَغْلِبْ تَصَرُّفَاتِهِ وَهُوَ الْفُتْيَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا شَكَتْ إلَيْهِ إمْسَاكَ أَبِي سُفْيَانَ وَشُحَّهُ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ فُتْيَا، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ حُكْمًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فُتْيَا، لِأَنَّ فُتْيَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغْلَبُ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْقَضَاءِ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» مَحْمُولٌ عَلَى الْفُتْيَا لِأَنَّهُ أَغْلَبُ تَصَرُّفِهِ بِالْقَضَاءِ وَبِالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute