للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَبَرَيْنِ وَالشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَمِلَ بِهِمَا عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ كَدَابَّةٍ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهَا لَهُمَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْيَدَيْنِ لَا تُكَذِّبُ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ الدَّارُ فِيهَا سَاكِنَانِ، وَالْخَشَبَةُ لَهَا حَامِلَانِ، وَالْحَبْلُ يَتَجَاذَبُهُ اثْنَانِ وَالْجِدَارُ الْمُتَّصِلُ بِمِلْكَيْنِ فَهَذَا يُحْكَمُ بِهِ لَهُمَا، إذْ لَا تَكَاذُبَ بَيْنَهُمَا.

[فَائِدَةٌ الْيَدُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُرْبِ وَالِاتِّصَالِ]

وَلِلْقُرْبِ وَالِاتِّصَالِ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فِي الدَّلَالَةِ

أَعْلَاهَا: مَا اشْتَدَّ اتِّصَالُهُ بِالْإِنْسَانِ كَثِيَابِهِ الَّتِي هُوَ لَابِسُهَا وَعِمَامَتِهِ وَمِنْطَقَتِهِ وَخَاتَمِهِ وَسَرَاوِيلِهِ وَنَعْلِهِ الَّذِي فِي رِجْلِهِ وَدَرَاهِمِهِ الَّتِي فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ أَوْ يَدِهِ، فَهَذَا الِاتِّصَالُ أَقْوَى الْأَيْدِي لِاحْتِوَائِهِ عَلَيْهَا وَدُنُوِّهِ مِنْهَا.

الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ: الْبِسَاطُ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ أَوْ الْبَغْلُ الَّذِي هُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهِ فَهَذَا فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ.

الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا، فَإِنَّ يَدَهُ فِي ذَلِكَ أَضْعَفُ مِنْ يَدِ رَاكِبِهَا.

الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ: الدَّارُ الَّتِي هُوَ سَاكِنُهَا، وَدَلَالَتُهَا دُونَ دَلَالَةِ الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَسْئُولٍ عَلَى جَمِيعِهَا وَيُقَدِّمُ أَقْوَى الْيَدَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا، فَلَوْ كَانَ اثْنَانِ فِي دَارٍ فَتَنَازَعَا فِي الدَّارِ وَفِي مَا هُمَا لَابِسَانِهِ جُعِلَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا بِأَيْمَانِهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاتِّصَالِ وَجُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَا هُوَ لِبَاسُهُ الْمُخْتَصُّ بِهِ لِقُوَّةِ الْقُرْبِ وَالِاتِّصَالِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّاكِبَانِ فِي مَرْكُوبِهِمَا حَلَفَا وَجُعِلَ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا، وَلَوْ اخْتَلَفَ الرَّاكِبُ مَعَ الْقَائِدِ أَوْ السَّائِقِ قُدِّمَ الرَّاكِبُ عَلَيْهِمَا بِيَمِينِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>