فِي أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ اللَّائِقَةِ بِتِلْكَ الْأَوْقَاتِ، فَقَدْ يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِالْمَفْضُولِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْفَاضِلِ فِي غَيْرِهَا كَالِاشْتِغَالِ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالذِّكْرِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ كَالدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّسْبِيحِ وَالثَّنَاءِ، كَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِكُلِّ وَقْتٍ طَاعَةً هِيَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا فِيهِ، وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِالْأَفْضَلِ فَالْأَفْضَلِ إذَا كَانَ صَالِحًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَالْهِدَايَةُ لِأَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَقْوَالِ فِي أَوْقَاتِهَا الْمَضْرُوبَةِ لَهَا أَفْضَلُ مَا مَنَّ بِهِ الْإِلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْفَضَائِلِ]
ِ الْفَضَائِلُ بِالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَلَقَدْ نَالَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلَ مَنَالٍ، فَوَرِثَ عَنْهُمْ الْعَارِفُونَ بَعْضَ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ، وَوَرِثَ عَنْهُمْ الْعَارِفُونَ التَّقَرُّبَ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَوَرِثَ عَنْهُمْ الْفُقَهَاءُ التَّقَرُّبَ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَوَارِحِ وَالْأَبْدَانِ، وَوَرِثَ عَنْهُمْ أَهْلُ الطَّرِيقَةِ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْبَوَاطِنِ، وَوَرِثَ عَنْهُمْ الزُّهَّادُ التَّرْكَ وَالْإِقْلَالَ، وَاخْتَصَّ الْأَنْبِيَاءُ بِمَعَارِفَ لَا تُدْرَكُ بِنَظَرِ الْعُقُولِ لَا بِضَرُورَتِهَا، وَاخْتَصُّوا بِالْأَحْوَالِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْمَعَارِفِ، وَلَعَلَّ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَبْدَالِ وَرِثُوا أَشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ اخْتَصَّ الْأَنْبِيَاءُ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْكَرَامَاتِ، وَشَارَكَهُمْ الْأَوْلِيَاءُ فِي بَعْضِ الْكَرَامَاتِ.
وَالْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ غَيْرُ الْكَرَامَاتِ وَخَرْقِ الْعَادَاتِ، لِتَعَلُّقِ الْمَعَارِفِ بِاَللَّهِ وَتَعَلُّقِ الْكَرَامَاتِ بِخَرْقِ الْعَادَاتِ فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ. وَفُرِّقَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِرَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ. وَفِيمَا تَعَلَّقَ بِفَكِّ اطِّرَادِ الْعَادَاتِ مِنْ النَّظَرِ إلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ وَمَالِكِ الرِّقَابِ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَنْ هُوَ سِتْرٌ وَحِجَابٌ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَبَيْنَ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ، وَكَفَى بِالْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ عِقَابًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute