للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَعْيَانِ كَتَعَلُّمِ مَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عِبَادَاتِ الْأَعْيَانِ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالصَّلَوَاتُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ تَحْصِيلُ الْمَصَالِحِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ دُونَ ابْتِلَاءِ الْأَعْيَانِ بِتَكْلِيفِهِ، وَالْمَقْصُودُ بِتَكْلِيفِ الْأَعْيَانِ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى حِدَتِهِ، لِتَظْهَرَ طَاعَتُهُ أَوْ مَعْصِيَتُهُ، فَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْعَيْنِ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ، وَيَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْقَائِمِينَ بِهِ دُونَ مَنْ كُلِّفَ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ.

أَمَّا سُقُوطُهُ عَنْ فَاعِلِيهِ فَلِأَنَّهُمْ قَامُوا بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ، وَأَمَّا سُقُوطُهُ عَنْ الْبَاقِينَ فَلِتَعَذُّرِ التَّكْلِيفِ بِهِ وَالتَّكْلِيفُ تَارَةً يَسْقُطُ بِالِامْتِثَالِ، وَتَارَةً يَسْقُطُ بِتَعَذُّرِ الِامْتِثَالِ، فَإِذَا خَاضَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ ثُمَّ لَحِقَهُ آخَرُونَ قَبْلَ تَحْصِيلِ مَصْلَحَتِهِ، كَانَ مَا فَعَلُوهُ فَرْضًا وَإِنْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِمْ، لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَمْ تَحْصُلْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعَدُوِّ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِدَفْعِهِمْ ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِمْ آخَرُونَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَيُكْتَبُ لَهُمْ أَجْرُ الْفَرْضِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ فِي الثَّوَابِ بِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَكَثْرَتِهِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقُومَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ تَكْفِينِهِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ دَفْنِهِ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ، ثُمَّ يَلْحَقُهُمْ مَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِعِلْمِ الشَّرْعِ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ الْوَاجِبَةُ، ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ يَشْتَغِلُ بِهِ فَيَكُونُ مُفْتَرِضًا لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمْ تَكْمُلْ بَعْدُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ ثَانِيًا مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا أَوَّلًا بَعْدَ إسْقَاطِ فَرْضِهَا فِي الْحُكْمِ لَكَانَتْ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّهَا فَرْضٌ مَعَ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِصَلَاةِ السَّابِقِينَ، وَلَيْسَ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>