للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْصَافٍ:

أَحَدُهَا: الْإِيمَانُ.

وَالثَّانِي: الْعَمَلُ الصَّالِحُ

وَالثَّالِثُ: التَّوَاصِي بِالْحَقِّ.

وَالرَّابِعُ: التَّوَاصِي بِالصَّبْرِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا إذَا اجْتَمَعُوا لَمْ يَفْتَرِقُوا حَتَّى يَقْرَءُوهَا، وَاخْتُلِفَ فِي الْعَصْرِ فَقِيلَ: هِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى، صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَقِيلَ: الْعَصْرُ آخِرُ النَّهَارِ، وَقِيلَ: الْعَصْرُ الدَّهْرُ، وَاخْتُلِفَ فِي الصَّالِحَاتِ فَقِيلَ: هِيَ الْفَرَائِضُ، وَقِيلَ هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْحَقِّ فَقِيلَ: هُوَ اللَّهُ، وَالتَّقْدِيرُ تَوَاصَوْا بِطَاعَةِ الْحَقِّ وَقِيلَ: الْإِسْلَامُ، وَقِيلَ الْقُرْآنُ وَالتَّقْدِيرُ تَوَاصَوْا بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: ٥٥] وَقَوْلِهِ: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأحزاب: ٢] وَأَمَّا الصَّبْرُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَاتِ فَيَدْخُلُ الصَّبْرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَعَلَى الطَّاعَةِ، وَيُحْتَمَلُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالْبَلِيَّاتِ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى الْبَلِيَّاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَعَنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ وَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الْخِصَالِ فِي الْإِنْسَانِ عَزِيزٌ نَادِرٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ جَامِعٌ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَى خُسْرَانِ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا وَبَعُدَ مِنْهَا مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِ أَقْوَالِهِ وَسُوءِ أَعْمَالِهِ، فَكَمْ مِنْ عَاصٍ يَظُنُّ أَنَّهُ مُطِيعٌ، وَمِنْ بَعِيدٍ يَظُنُّ أَنَّهُ قَرِيبٌ، وَمِنْ مُخَالِفٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ، وَمِنْ مُنْتَهِكٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُتَنَسِّكٌ، وَمِنْ مُدْبِرٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُقْبِلٌ، وَمِنْ هَارِبٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ طَالِبٌ، وَمِنْ جَاهِلٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَارِفٌ، وَمِنْ آمِنٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَائِفٌ، وَمِنْ مُرَاءٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُخْلِصٌ، وَمِنْ ضَالٍّ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُهْتَدٍ، وَمِنْ عَمٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُبْصِرٌ، وَمِنْ رَاغِبٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ زَاهِدٌ؟ ، وَكَمْ مِنْ عَمَلٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُرَائِي وَهُوَ وَبَالٌ عَلَيْهِ؟ ، وَكَمْ مِنْ طَاعَةٍ يَهْلِكُ بِهَا الْمُتَسَمِّعُ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ إلَيْهِ؟ ، وَالشَّرْعُ مِيزَانٌ يُوزَنُ بِهِ الرِّجَالُ، وَبِهِ يُتَيَقَّنُ الرِّبْحُ مِنْ الْخُسْرَانِ، فَمَنْ رَجَحَ فِي مِيزَانِ الشَّرْعِ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَتَخْتَلِفُ مَرَاتِبُ الرُّجْحَانِ، وَمَنْ نَقَصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>