للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، سَعْيٌ فِي دَرْءِ مَفَاسِدَ الْمُنْهَى عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ النُّصْحُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَقَدْ بَايَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَمِنْهَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَمِنْهَا حُكْمُ الْحُكَّامِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ بِإِنْصَافِ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ، وَتَوْفِيرِ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ الْعَاجِزِينَ، وَصَرْفُ الدُّعَاءِ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، إذْ قَالَ فِي أَوَّلِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ قَدْ كَلَّفَنِي أَنْ أَصْرِفَ عَنْهُ الدُّعَاءَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَوَّلِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ قَوِيَّكُمْ عِنْدَنَا لَضَعِيفٌ حَتَّى نَأْخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ، وَإِنَّ ضَعِيفَكُمْ عِنْدَنَا لَقَوِيٌّ حَتَّى نَأْخُذَ لَهُ الْحَقَّ وَمَعْنَى صَرْفِ الدُّعَاءِ عَنْ اللَّهِ أَنْ يُنْصِفَ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ وَلَا يُحْوِجَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ أَنْ يَدْفَعَ حَاجَاتِ النَّاسِ وَضَرُورَاتِهِمْ بِحَيْثُ لَا يُحْوِجُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَمَا أَفْصَحَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَمَا أَجْمَعَهَا لِمُعْظَمِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ حِفْظُ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالْعَاجِزِينَ وَالْغَائِبِينَ وَمِنْهَا الْتِقَاطُ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَالْأَطْفَالِ الْمُهْمَلِينَ، وَمِنْهَا الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَمِنْهَا اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ كُلِّهِ دَقِّهِ وَجَلِّهِ، وَمِنْهَا إنْظَارُ الْمُعْسِرِينَ وَإِبْرَاءُ الْمُقْتِرِينَ، وَمِنْهَا حُقُوقُ نِكَاحِ النِّسَاءِ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَحُقُوقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَمِنْهَا الْقَسْمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ، وَمِنْهَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ إلَّا فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ الْمَشْرُوعَاتِ، وَمِنْهَا الْإِحْسَانُ إلَى الرَّقِيقِ بِأَنْ لَا يُكَلِّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ، وَأَنْ يُطْعِمَهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَيُلْبِسَهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَأَنْ يُكْرِمَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، وَلَا بَيْنَ الْأُخْتِ وَأُخْتِهَا، وَعَلَى الْأَرِقَّاءِ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ سَادَاتِهِمْ الَّتِي حَثَّ الشَّرْعُ عَلَيْهَا وَنَدَبَ إلَيْهَا، وَمِنْهَا سَتْرُ الْفَضَائِحِ وَالْكَفُّ عَنْ إظْهَارِ الْقَبَائِحِ، وَمِنْهَا الْكَفُّ عَنْ الشَّتْمِ وَالظُّلْمِ، وَمِنْهَا جُرْحُ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلُهُمْ وَتَفْطِيرُ الصَّائِمِينَ وَإِبْرَارُ الْمُقْسِمِينَ، وَمِنْهَا كِسْوَةُ الْعُرَاةِ وَفَكُّ الْعُنَاةِ، وَمِنْهَا الْقَرْضُ وَالضَّمَانُ وَالْحَجْرُ بِالْإِفْلَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>