للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ نَظَرْت فِي الْقُرْآنِ فَوَجَدْته يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا الثَّنَاءُ عَلَى الْإِلَهِ، وَالثَّانِي: الْأَحْكَامُ، وَالثَّالِثُ: تَوَابِعُ الْأَحْكَامِ وَمُؤَكِّدَاتُهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُهَا: مَدْحُ الْأَفْعَالِ وَذَمُّهَا تَرْغِيبًا فِي مَمْدُوحِهَا، وَتَزْهِيدًا فِي مَذْمُومِهَا وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ التَّأْكِيدِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَدْحُ الْفَاعِلِينَ تَرْغِيبًا لِلْعِبَادِ فِي الدُّخُولِ فِي مِدْحَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّتِي هِيَ زَيْنٌ لِلطَّائِعِينَ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: ذَمُّ الْغَافِلِينَ تَنْفِيرًا مِنْ الدُّخُولِ فِي مَذَمَّةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ شَيْنٌ لِلْعَاصِينَ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ: «يَا مُحَمَّدُ اعْطِنِي فَإِنَّ مَدْحِي زَيْنٌ وَهَجْوِي شَيْنٌ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ» .

النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْوَعْدُ بِأَنْوَاعِ الثَّوَابِ الْآجِلِ تَرْغِيبًا فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الطَّاعَاتِ.

النَّوْعُ الْخَامِسُ: الْوَعِيدُ بِأَنْوَاعِ الْعِقَابِ الْآجِلِ تَنْفِيرًا مِنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ.

النَّوْعُ السَّادِسُ: الْوَعْدُ بِأَنْوَاعِ الثَّوَابِ الْعَاجِلِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ قَدْ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ الْعَاجِلَةِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٣] ، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: ٤] .

وَكَذَلِكَ بَيَانُ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَاجِلَةِ كَقَوْلِهِ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤] ، وَكَقَوْلِهِ: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧] ، فَإِنَّ فِي مَصْلَحَةِ الْفِعْلِ حَثًّا عَلَيْهِ وَتَرْغِيبًا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>