للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأُخْرَى بِقَدْرِ رَأْسِ الْإِبْرَةِ، وَكَذَلِكَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْهَاشِمَتَيْنِ وَالْمِنْقَلَتَيْنِ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي الْهَشْمِ وَنَقْلِ الْعِظَامِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا تَعَبُّدًا لَا يَقِفُ الْعِبَادُ عَلَى مَعْنَاهُ.

وَكَذَلِكَ خُولِفَ الْقِصَاصُ فِي التَّمَاثُلِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْجَابِرِ وَالْمَجْبُورِ فِي غَيْرِ الْإِنَاسِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُجْبَرُ بِالْإِبِلِ وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا مِنْ جِنْسِ أَعْضَائِهِ كَمَا يُجْبَرُ جَزَاءُ الصَّيْدِ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا مِنْ جِنْسِ أَعْضَائِهِ، وَالْعَبْدُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبَعِيرِ وَالْإِنْسَانِ فَتُجْبَرُ أَعْضَاؤُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ نَظَرًا إلَى مَالِيَّتِهِ كَمَا تُجْبَرُ أَعْضَاءُ الْبَعِيرِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ نِسْبَةَ أُرُوشِ جِرَاحَةِ الْعَبْدِ إلَى قِيمَتِهِ كَنِسْبَةِ أُرُوشِ جِرَاحِ الْحُرِّ إلَى دِيَتِهِ.

وَأَمَّا الزَّوَاجِرُ فَنَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا مَا هُوَ زَاجِرٌ عَنْ الْإِصْرَارِ عَلَى ذَنْبٍ حَاضِرٍ أَوْ مَفْسَدَةٍ مُلَابِسَةٍ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهَا وَهُوَ مَا قَصَدَ بِهِ دَفْعَ الْمَفْسَدَةِ الْمَوْجُودَةِ وَيَسْقُطُ بِانْدِفَاعِهَا.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَقَعُ زَاجِرًا عَنْ مِثْلِ ذَنْبٍ مَاضٍ مُنْصَرِمٍ أَوْ عَنْ مِثْلِ مَفْسَدَةٍ مَاضِيَةٍ مُنْصَرِمَةٍ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا مَا يَجِبُ إعْلَامُ مُسْتَحِقِّهِ بِهِ لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَوْ يَسْتَوْفِيَهُ وَذَلِكَ كَالْقِصَاصِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ وَكَحَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مُسْتَحِقَّهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا الْأَوْلَى بِالْمُتَسَبِّبِ إلَيْهِ سَتْرُهُ، كَحَدِّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ. وَالْجَرَائِمُ الْمَزْجُورُ عَنْهَا ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَجِبُ زَجْرُهَا عَلَى مُرْتَكِبِهَا كَالْكَفَّارَاتِ الزَّاجِرَةِ عَنْ إفْسَادِ الصَّوْمِ وَإِفْسَادِ الْحَجِّ وَإِفْسَادِ الِاعْتِكَافِ وَالطَّهَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>