الْمِيرَاثِ، وَلَا يُقَدَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكَفَّارَةِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ بِغَيْرِ سَبَبٍ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ سَمَّاهُ فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ ثُمَّ يُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: يَقَعُ الْعِتْقُ وَالْمِلْكُ مَعًا؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ اخْتِصَاصٌ وَالْعِتْقَ قَاطِعٌ لِكُلِّ اخْتِصَاصٍ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: إذَا حَكَمْنَا بِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالِاعْتِقَاقِ مِلْكًا مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِعْتَاقِ، كَيْ لَا يَقَعَ الْإِعْتَاقُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمُعْتِقِ، وَلَوْ أَجَازَ الْبَائِعُ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَقُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ كَانَ إعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِ الْبَائِعِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَأَمَّا مَا اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ تَرْتِيبِ أَحْكَامِهِ عَلَى أَسْبَابِهِ، فَهُوَ الْأَسْبَابُ الْقَوْلِيَّةُ.
وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ، وَإِلَى مَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْجَوَابِ، فَأَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ فَكَالْإِبْرَاءِ، وَطَلَاقِ الثَّلَاثِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْعَتَاقِ وَالرَّجْعَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ أَحْكَامَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ تَقْتَرِنُ بِآخِرِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِهَا، فَتَقْتَرِنُ الْحُرِّيَّةُ بِالرَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ، وَالطَّلَاقُ بِالْقَافِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَالْإِبْرَاءُ بِالْمِيمِ مِنْ قَوْلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ خَصْمُهُ أَبْرِئْنِي مِنْ دِرْهَمٍ فَقَالَ أَبْرَأْتُك اقْتَرَنَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْكَافِّ مِنْ قَوْلِهِ أَبْرَأْتُك، وَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ، تَعُودُ أَحْكَامُ النِّكَاحِ مَعَ آخِرِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِهَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْأَشْعَرِيِّ وَالْحُذَّاقِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا مُطَرَّدٌ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا قَالَ اُقْعُدْ كَانَ أَمْرًا مَعَ الدَّالِ مِنْ قَوْلِهِ اُقْعُدْ، وَإِذَا قَالَ لَا تَقْعُدْ كَانَ نَهْيًا مَعَ الدَّالِ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَقْعُدْ، وَكَذَلِكَ الْأَقَارِيرُ وَالشَّهَادَاتُ وَأَحْكَامُ الْحُكَّامِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَا تَقْتَرِنُ هَذِهِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَلْ تَقَعُ عَقِيبَهَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَانٍ، وَيَدُلُّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute