وَكَذَلِكَ حَمْلُ الْهَدَايَا مَعَ الصِّبْيَانِ وَإِخْبَارِهِمْ بِأَنَّ مَالِكَهَا قَدْ أَهْدَاهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَالِارْتِفَاقُ بِهَا فَلَوْ أَذِنَ فِي الدُّخُولِ فَاسِقٌ أَوْ حَمَلَ الْهَدِيَّةَ فَاسِقٌ فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي الشَّرْعِ مُعْتَبَرٌ وَجُرْأَتُهُ أَبْعَدُ مِنْ جُرْأَةِ الصِّبْيَانِ، وَلَا وَقْفَةَ عِنْدِي فِي الْمَسْتُورِ، وَعَلَى هَذَا عَمِلَ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَاسْتُثْنِيَ ذَلِكَ لِمَا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَأُصُولُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ إذَا ضَاقَتْ اتَّسَعَتْ.
الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: الْتِقَاطُ كُلِّ مَالٍ حَقِيرٍ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ مَالِكَهُ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَالِارْتِفَاقُ بِهِ لِاطِّرَادِ الْعَادَاتِ بِبَذْلِهِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ: الشُّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ مِنْ الْجَدَاوِلِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ إذَا كَانَ السَّقْيُ لَا يَضُرُّ بِمَالِكِهَا جَائِزٌ إقَامَةٌ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مَقَامَ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ.
فَلَوْ أَوْرَدَ أَلْفًا مِنْ الْإِبِلِ إلَى جَدْوَلٍ ضَعِيفٍ فِيهِ مَاءٌ يَسِيرٌ، فَلَا أَرَى جَوَازَ ذَلِكَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ إذْنٌ لَفْظِيٌّ وَلَا عُرْفِيٌّ، وَلَوْ كَانَ الْجَدْوَلُ أَوْ النَّهْرُ لِمَنْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ كَالْيَتِيمِ وَالْأَوْقَافِ الْعَامَّةِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسَاجِدِ مَا لَوْ كَانَ لِمَالِكٍ يُعَبِّرُ إذْنُهُ لَأُبِيحَ، فَعِنْدِي فِي هَذَا وَقْفَةٌ لِأَنَّ صَرِيحَ إذْنِ الْمُسْتَحِقِّ لَا يُؤَثِّرُ هَهُنَا، فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ مَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ الْعُرْفِ الْمُعْتَادِ؟ .
الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ: حَمْلُ الْأَلْفَاظِ الْحَقِيقِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى مَجَازِهَا إذَا عُلِمَتْ كَلَفْظِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَحَمْلِ لَفْظِ الْأَخْبَارِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَاسْتِعْمَالِ الْمَاضِي فِي أَلْفَاظِ الْمُعَامَلَاتِ: كَبِعْت وَأَجَّرْت وَضَمِنْت وَوَكَّلْت وَوَهَبْت وَأَقْرَضْت وَوَقَفْت وَتَصَدَّقْت، وَحَمْلُ الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى إنْشَاءِ الشَّهَادَاتِ كَأَشْهَدُ بِكَذَا.
وَكَذَلِكَ الدَّعْوَى فِي قَوْلِهِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute