وَالدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ مَا يُسَاوِي مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ لِاحْتِمَالِ مَالِهِ لِلْمُوَاسَاةِ؟ وَكَيْفَ لَا يَجِبُ عَلَى هَذَا الزَّكَاةُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الضَّعِيفِ ذِي الْعِيَالِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ بَعِيرٍ فِي صُورَةِ الْخُلْطَةِ؟ قُلْت إنْ اشْتَمَلَتْ قُرَاهُ وَبَسَاتِينُهُ عَلَى الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَالزَّرْعِ كَانَتْ زَكَاتُهَا مُجْزِيَةً عَنْ زَكَاةِ رِقَابِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَالٌ زَكَوِيٌّ، فَإِنَّ ثِمَارَ بَسَاتِينِهَا تُبَاعُ بِالنُّقُودِ فِي الْغَالِبِ، وَكَذَلِكَ تُؤَجَّرُ أَرَاضِيهَا بِالنُّقُودِ فِي الْغَالِبِ فَإِنْ بَقِيَتْ نَقُودُهَا حَتَّى حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَامَتْ زَكَاةُ النُّقُودِ مَقَامَ زَكَاةِ رِقَابِهَا، وَإِنْ اتَّجَرَ فِي نَقُدْهَا قَامَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ مَقَامَ زَكَاةِ النَّقْدِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إيجَارِ الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ.
وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي زَكَاةِ الْخَيْلِ.
وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ فِي الْغَالِبِ أَنَّهَا لَا تُقْتَنَى بَلْ يُتَّجَرُ فِيهَا وَلَا يَدَّخِرُهَا إلَّا الْقَلِيلُ مِنْ النَّاسِ، وَأَمَّا اقْتِنَاءُ الْمُلُوكِ لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا زَكَاةَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمُلُوكُ فُقَرَاءُ وَلَيْسُوا بِأَغْنِيَاءَ بِسَبَبِ مَا حَازُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنْفُسِهِمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَحِقُّوهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا اشْتَرَوْهُ لِأَنْفُسِهِمْ: فَإِنْ اشْتَرَوْهُ بِعَيْنِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَمْلِكُوهُ، وَإِنْ اشْتَرَوْا فِي ذِمَّتِهِمْ وَنَقَدُوا ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَانَتْ أَثْمَانُهُ دَيْنًا عَلَيْهِمْ.
وَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَدِينِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ خَالَفَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ الْبِحَارِ.
الْمِثَالُ الثَّلَاثُونَ: لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَتَثْبُتُ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ إلَّا بِعَدْلَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِعَدْلٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ الْكَذِبُ فِيهِ فَيَصِيرُ كَالْإِخْبَارِ عَنْ الشَّرْعِيَّاتِ وَاحْتِيَاطًا لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا، فَلَا تُخَالَفُ قَوَاعِدُ النِّيَّاتِ لِأَجْلِهِ مَعَ نُدْرَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute