للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَامَّةِ مَا لَا يَجُوزُ لِلْخَاصَّةِ، وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَمَنٌ، وَهُوَ أَيْضًا خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَبْعَدُ مِنْ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْجَهَالَةَ وَاقِعَةٌ فِي الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شُرَيْحٍ تَخْتَصُّ الْجَهَالَةُ بِالثَّمَنِ دُونَ الْمُثَمَّنِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ النَّقْلَ فِي أَنَّ عُمَرَ أَخْرَجَهَا مِنْ الْكُفَّارِ.

وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ بِالْوَقْفِ عَلَى أَرْبَابِ الْأَيْدِي بِمُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا إقْرَارٍ مِنْ ذِي الْيَدِ، فَإِنَّ الْأَيْدِيَ لَا تَزَالُ فِي الشَّرْعِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنَّمَا تَزَالُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ، وَمِثْلُ هَذَا الْإِشْكَالِ وَارِدٌ عَنْ مَالِكٍ فِي أَرَاضِي مِصْرَ.

الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَرَ: لَا يَجُوزُ تَقْطِيعُ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ إلَّا عِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَ لِبَعْضِ الْأَعْمَالِ يَوْمًا خَرَجَتْ أَوْقَاتُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالصَّلَاةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ عَنْ ذَلِكَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى هَذَا التَّقْطِيعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَعْمَالِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ جُمُعَةً خَرَجَتْ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ مَعَ اللَّيَالِي عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ مُنِعَ لَأَدَّى إلَى ضَرَرٍ عَظِيمٍ.

وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى الظُّهْرِ وَمِنْ الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ لَمَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، إذْ لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْطِيعِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ لِلْحَمْلِ وَالنَّقْلِ وَالرُّكُوبِ تَنْقَطِعُ فِيهِ الْمَنَافِعُ فِي الْمَرَاحِلِ وَالْمَنَازِلِ الْخَارِجَةِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَمُطَّرِدِ الْعَادَاتِ.

وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْإِجَارَةَ فِي الْحَالِ وَعَلَى الْحَوْلِ الْقَابِلِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَكُونُ فِي حَالِ الْعَقْدِ إلَّا مَعْدُومَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَنَافِعِ الْمُتَعَقِّبَةِ الْعَقْدَ وَبَيْنَ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِلْعَقْدِ الْمُتَّحِدِ تَابِعَةً لِمَا يَتَعَقَّبُ الْعَقْدَ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَيَجُوزُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْمَتْبُوعِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَلِيلَ يَتْبَعُ الْكَثِيرَ فِي الْعُقُودِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>