شَيْءٌ إلَّا انْدَرَجَ فِي أَمْرِهِ بِالْإِحْسَانِ، وَالْعَدْلِ هُوَ التَّسْوِيَةُ وَالْإِنْصَافُ، وَالْإِحْسَانُ: إمَّا جَلْبُ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعُ مَفْسَدَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ عَامَّةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ لِأَنْوَاعِ الْفَوَاحِشِ وَلِمَا يُذْكَرُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ. وَأَفْرَدَ الْبَغْيَ - وَهُوَ ظُلْمُ النَّاسِ - بِالذِّكْرِ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ إذَا اهْتَمُّوا أَتَوْا بِمُسَمَّيَاتِ الْعَامِّ. وَلِهَذَا أَفْرَدَ الْبَغْيَ وَهُوَ الظُّلْمُ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، كَمَا أَفْرَدَ إيتَاءَ ذِي الْقُرْبَى بِالذِّكْرِ مَعَ انْدِرَاجِهِ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ.
(فَائِدَةٌ) الْإِحْسَانُ لَا يَخْلُو عَنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ عَنْهُمَا.
وَتَارَةً يَكُونُ فِي الدُّنْيَا، وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْعُقْبَى: أَمَّا فِي الْعُقْبَى فَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا وَالْإِعَانَةِ عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ وَعَلَى دَفْعِ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ.
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَبِالْإِرْفَاقِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إسْقَاطُ الْحُقُوقِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْمَظَالِمِ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْفَى عَنْ الظَّالِمِ كَيْ لَا يَجْتَرِئَ عَلَى الْمَظَالِمِ وَهُوَ بَعِيدٍ مِنْ الْقَوَاعِدِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ يُعْفَى عَنْهُ أَنَّهُ يَسْتَحِيَ وَيَرْتَدِعَ عَنْ الظُّلْمِ وَلَا سِيَّمَا عَنْ ظُلْمِ الْمُعَافَى وَقَدْ وَصَفَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِأَنَّهُ لَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، مَعَ أَنَّ الْجُرْأَةَ عَلَيْهِ أَقْبَحُ مِنْ كُلِّ جُرْأَةٍ، وَلِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يُؤَدِّي إلَى الْجُرْأَةِ غَالِبًا إذْ لَا يَعْفُو مِنْ النَّاسِ إلَّا الْقَلِيلُ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ الْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَهُوَ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ، وَقَدْ رَغَّبَ فِي الْعَفْوِ بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] وَقَالَ فِي الْقِصَاصِ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] .
قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَرْخَصَ بَعْضُ النَّاسِ فِي السِّعْرِ عَلَى النَّاسِ وَسَامَحَهُمْ فِي الْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute