لِلرَّاجِلِ سَهْمًا وَاحِدًا لِأَنَّ لَهُ حَاجَةً وَاحِدَةً، وَجَعَلَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَ حَاجَاتٍ: حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِلْفَرَسِ، وَحَاجَةٌ لِسَائِسِ فَرَسِهِ.
وَكَذَلِكَ مَوَارِيثُ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَاتِ: فَجَعَلَ لِلْإِنَاثِ مِنْ هَؤُلَاءِ سَهْمًا وَاحِدًا، وَجَعَلَ لِلذَّكَرِ سَهْمَيْنِ، لِأَنَّ لِلذَّكَرِ فِي الْغَالِبِ حَاجَةً لِنَفْسِهِ وَحَاجَةً لِزَوْجَتِهِ، وَلِلْأُنْثَى فِي الْغَالِبِ حَاجَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا مَكْفُولَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَالرَّجُلُ كَافِلٌ فِي الْغَالِبِ، لَكِنْ خُولِفَ هَذَا الْقِيَاسُ فِي الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ: فَسَوَّى فِيهِمْ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ مِنْ جِهَةِ إدْلَائِهِمْ بِالْأُمِّ، وَسَوَّى بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ: فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ، وَفَضْلِ الْأَبِ مَعَ الْأُمِّ مَعَ فَقْدِهِمْ، وَقَدَّمَ الْأَبْنَاءَ عَلَى الْآبَاءِ فِي التَّعْصِيبِ لِأَنَّ الِابْنَ بِضْعَةٌ مِنْ الْأَبِ وَبَعْضٌ لَهُ، فَكَانَ بَعْضُ الْمَيِّتِ أَحَقَّ بِمَالِهِ مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ، وَيُقَدَّمُ الْآبَاءُ عَلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، لِأَنَّهُنَّ بِضْعَةٌ مِنْ الْأَمْوَاتِ، لَكِنْ خُولِفَ الْقِيَاسُ فِيمَا إذَا مَاتَ عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَعَنْ مِائَةِ بِنْتٍ وَأُخْتٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّ الْأُخْتَ تَفُوزُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ أَضْعَافُ مَا يَحْصُلُ لِلْبَنَاتِ مَعَ قُرْبِهِنَّ، إذْ يَحْصُلُ لِكُلِّ بِنْتٍ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَيَحْصُلُ لِلْأُخْتِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مَعَ كَوْنِ الْبِنْتِ بِضْعَةً لِلْمَيِّتِ وَبَعْضًا لَهُ، وَالْأُخْتِ بِضْعَةً مِنْ الْجَدِّ مَعَ بُعْدِهِ، وَهَذَا مُوغِلٌ فِي الْبُعْدِ عَنْ الْقِيَاسِ.
وَكَذَلِكَ خُولِفَ الْقِيَاسُ فِي الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُدْلِي بِالْأَبِ وَالْأَخِ أَوْلَى بِالْأَبِ الْمُدْلَى بِهِ، وَالْجَدُّ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ الْأَخَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَدِّ عَلَى قَوْلٍ، لَكِنَّهُ بِضْعَةٌ مِنْ الْمُدْلَى بِهِ، وَلَوْلَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَخَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ فِي الْإِرْثِ لَقَالَ بِتَقْدِيمِ الْأَخِ كَمَا قَالَ بِهِ فِي الْوَلَاءِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْأَحْدَاثُ الْمُطَلَّقُونَ مُسْتَقِلُّونَ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَنَافِعِ أَمْوَالِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute