للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: مَا يُتْلِفُهُ الْمُرْتَدُّونَ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَفِي تَضَمُّنِهِ مَعَ تَحْرِيمِهِ اخْتِلَافٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّضْمِينَ مُنَفِّرٌ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ الرِّدَّةَ لَا تَعُمُّ عُمُومَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ مَا يُتْلِفُهُ الْبُغَاةُ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فِي حَالِ الْقِتَالِ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَهُ عَلَى قَوْلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ عَنْ الطَّاعَةِ وَالْإِذْعَانِ، وَعَلَى قَوْلٍ يَضْمَنُونَ لِانْحِطَاطِ رُتْبَةِ التَّنْفِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتَّصِفُ إتْلَافُهُمْ بِتَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ وَلَا إبَاحَةٍ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: مَا يُتْلِفُهُ الْعَبِيدُ عَلَى السَّادَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَهُ مَعَ تَحْرِيمِ إتْلَافِهِمْ وَفِي هَذَا إشْكَالٌ، لِأَنَّ إيجَابَ مَا يُتْلِفُهُ الْعَبِيدُ فِي ذِمَّتِهِمْ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ شَرْعٌ وَلَا عَقْلٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّادَةِ وَغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ عَبْدِهِ لَا وَجْهَ لَهُ.

وَأَمَّا مَا يُتْلِفُهُ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ خِلَافًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةٍ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا وَلَا تَسَبَّبَ إلَى إتْلَافِهِ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ أَنْ يُبَثَّ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّمَا وَقَعَ التَّعَلُّقُ بِرَقَبَتِهِ، لِتَفْرِيطِ السَّيِّدِ فِي حِفْظِهِ فَصَارَ كَالْبَهِيمَةِ إذَا قَصَّرَ صَاحِبُهَا فِي حِفْظِهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالرَّقَبَةِ فِي عَبِيدِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ ثَابِتٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمْ تَقْصِيرٌ بِسَبَبٍ وَلَا مُبَاشَرَةٍ وَلَا شَرْطٍ، وَالتَّقْصِيرُ فِي حِفْظِ الدَّابَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِمَالِكِهَا بَلْ يَعُمُّ مَنْ قَصَّرَ فِي ضَبْطِهَا وَحِفْظِهَا مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَالِبٍ أَوْ مُودِعٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ.

الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ إذَا أَتْلَفَا شَيْئًا مِنْ النُّفُوسِ أَوْ الْأَمْوَالِ فِي تَصَرُّفِهِمَا لِلْمَصَالِحِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ دُونَ الْحَاكِمِ وَالْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>