وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الثَّنَاءُ أَفْضَلَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ فِي بَعْضِ الْأَطْوَارِ كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
فَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ قَابِلًا لِلْأَذْكَارِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ فَهَلْ تَكُونُ قِرَاءَةُ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْإِلَهِ أَوْلَى مِنْ الْأَذْكَارِ لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ وَيَأْتِي مِنْ الْأَذْكَارِ بِمَا شَاءَ، أَوْ تَكُونُ الْأَذْكَارُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْإِلَهِ أَوْلَى مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْإِلَهِ؟ فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْأَذْكَارَ أَوْلَى نَظَرًا إلَى شَرَفِ مُتَعَلِّقِهَا وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ.
وَأَمَّا مَا يَشْتَمِلُ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَذْكَارِ وَالثَّنَاءِ: كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْآيَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّمْجِيدِ وَالتَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ الْأَذْكَارِ إلَّا أَنْ يَحْكِيَ بِالْأَذْكَارِ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ فَحِينَئِذٍ الشَّرَفَانِ فَيَكُونُ أَفْضَلَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَعَارِفَ وَالْعِبَادَاتِ مَقَاصِدُ وَوَسَائِلُ إلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَالنَّظَرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَعْلَى مَقَاصِدِ الْآخِرَةِ، وَكَذَلِكَ رِضْوَانُهُ وَتَسْلِيمُهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ أَعْلَى الْمَقَاصِدِ، وَالتَّسْلِيمُ فِي الدُّنْيَا وَسِيلَةٌ إلَى حُصُولِ السَّلَامَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّفَاعَاتُ وَالدَّعَوَاتُ وَالْخَوْفُ وَسِيلَةٌ إلَى الْكَفِّ عَنْ الْعِصْيَانِ، وَالرَّجَاءُ وَسِيلَةٌ إلَى الطَّاعَاتِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّحْمَنِ، وَالتَّوَكُّلُ مَقْصُودٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَوَسِيلَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْحُبُّ وَالْإِجْلَالُ مَقْصُودَانِ، وَالْمَقْصُودُ وَسَائِلٌ إلَى كُلِّ مَطْلُوبٍ مِنْ الْوَسَائِلِ وَالْمَقَاصِدِ، وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَسِيلَةٌ إلَى تَحْصِيلِ الِاغْتِذَاءِ وَالِارْتِوَاءِ وَالشِّفَاءِ، وَالْحَيَاءُ وَسِيلَةٌ إلَى الْكَفِّ عَنْ الْقَبَائِحِ، وَالْغَضَبُ وَسِيلَةٌ إلَى دَفْعِ الضَّيْمِ، وَشَهْوَةُ الْجِمَاعِ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ إلَى كَثْرَةِ النَّسْلِ، كَمَا أَنَّ شَهْوَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ اللَّذَيْنِ هُمَا وَسِيلَتَانِ إلَى الِاغْتِذَاءِ وَالِارْتِوَاءِ، وَبَذْلُ الْمَالِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute