للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثَالُ الْخَامِسُ: الصَّلَاةُ مَعَ الْأَنْجَاسِ مَفْسَدَةٌ يَجِبُ اتِّقَاؤُهَا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ جَلِيسُ الرَّبِّ مُنَاجٍ لَهُ، فَمِنْ إجْلَالِ الرَّبِّ أَلَّا يُنَاجَى إلَّا عَلَى أَشْرَفِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ شَقَّ الِاجْتِنَابُ بِعُذَرٍ غَالِبٍ كَفَضْلَةِ الِاسْتِجْمَارِ وَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَطِينِ الشَّوَارِعِ وَدَمِ الْقُرُوحِ وَالْبَثَرَاتِ جَازَتْ صَلَاتُهُ رِفْقًا بِالْعِبَادِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الِاجْتِنَابُ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ الطَّهَارَةُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ تَحْصِيلَ مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ الْعُظْمَى أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ الطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ بِمَثَابَةِ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الصَّلَاةِ.

الْمِثَالُ السَّادِسُ: الصَّلَاةُ مَعَ تَجَدُّدِ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ الطَّهَارَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَشَقَّتْ مِنْ الْآخَرِ كَصَلَاةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَذَرَبُ الْمَعِدَةِ، جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ رِعَايَةَ مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ أَوْلَى مِنْ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الطَّهَارَتَيْنِ، أَوْ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ.

الْمِثَالُ السَّابِعُ: الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مَفْسَدَةٌ مُحَرَّمَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِصَلْبٍ أَوْ عَجْزٍ أَوْ إكْرَاهٍ، وَجَبَ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي حُوِّلَ وَجْهُهُ إلَيْهَا لِئَلَّا تَفُوتَ مَقَاصِدُ الصَّلَاةِ وَسَائِرُ شَرَائِطِهَا بِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِهَا لَا نِسْبَةَ لِمَصْلَحَتِهِ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ مَقَاصِدِهَا، وَإِنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ الْغَازِي مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ سَقَطَ اسْتِقْبَالُهَا وَصَارَ اسْتِقْبَالُ جِهَةِ الْمُقَاتِلِ بَدَلًا مِنْ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَصْلَحَتَيْ الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ.

وَكَذَلِكَ السَّفَرُ الْمُبَاحُ يَصِيرُ صَوْبَهُ بَدَلًا مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ تَحْصِيلَ مَقَاصِدِ الصَّلَاةِ أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، وَلَوْ مَنَعْنَا التَّنَفُّلَ فِي الْأَسْفَارِ لَامْتَنَعَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ التَّنَفُّلِ فِي السَّفَرِ وَلَامْتَنَعَ الْأَبْرَارُ مِنْ الْأَسْفَارِ حِرْصًا عَلَى إقَامَةِ النَّافِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>