للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

بَأْسَ بِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْدِيلِ، ثُمَّ يُوجَدُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا ذَلِكَ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ فِي بَعْضِ مَنْ لَمْ يَحْتَجَّا بِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا، فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُمَا فِي رُتْبَةِ مَنِ احْتَجَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مَرَاتِبَ الرُّوَاةِ مِعْيَارُ مَعْرِفَتِهَا أَلْفَاظُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ.

قَالَ: وَلَكِنْ هُنَا أَمْرٌ فِيهِ غُمُوضٌ لَا بُدَّ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَكْتَفُونَ فِي التَّصْحِيحِ بِمُجَرَّدِ حَالِ الرَّاوِي فِي الْعَدَالَةِ وَالِاتِّصَالِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ يَنْظُرُونَ فِي حَالِهِ مَعَ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي كَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ أَوْ قِلَّتِهَا، أَوْ كَوْنِهِ فِي بَلَدِهِ مُمَارِسًا لِحَدِيثِهِ، أَوْ غَرِيبًا مِنْ بَلَدِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ، وَهَذِهِ أُمُورٌ تَظْهَرُ بِتَصَفُّحِ كَلَامِهِمْ وَعَمَلِهِمْ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَا اعْتَرَضَ بِهِ شَيْخُنَا عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالذَّهَبِيِّ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ اسْتَعْمَلَ لَفْظَةَ مِثْلَ فِي أَعَمَّ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ صَنِيعُهُ، فَإِنَّهُ تَارَةً يَقُولُ: عَلَى شَرْطِهِمَا، وَتَارَةً عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَتَارَةً عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَتَارَةً صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَا يَعْزُوهُ لِأَحَدِهِمَا. وَأَيْضًا فَلَوْ قَصَدَ بِكَلِمَةِ (مِثْلَ) مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيَّ حَتَّى يَكُونَ الْمُرَادَ، وَاحْتَجَّ بِغَيْرِهَا مِمَّنْ فِيهِمْ مِنَ الصِّفَاتِ مِثْلُ مَا فِي الرُّوَاةِ الَّذِينَ خَرَّجَا عَنْهُمْ، لَمْ يَقُلْ قَطُّ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّ شَرْطَ مُسْلِمٍ دُونَهُ، فَمَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِ فَهُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَوَى شَرْطَ مُسْلِمٍ وَزَادَ.

قَالَ: وَوَرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرْوَى بِإِسْنَادٍ مُلَفَّقٍ مِنْ رِجَالِهِمَا كَسِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسِمَاكٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَقَطْ، وَعِكْرِمَةُ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَأَدَقُّ مِنْ هَذَا أَنْ يَرْوِيَا عَنْ أُنَاسٍ ثِقَاتٍ ضُعِّفُوا فِي أُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ، مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>