فَصْلٌ:
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَظِّمَ شَيْخَهُ وَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُ؛ فَذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعِلْمِ وَأَسْبَابِ الِانْتِفَاعِ، وَيَعْتَقِدَ جَلَالَةَ شَيْخِهِ وَرُجْحَانَهُ وَيَتَحَرَّى رِضَاهُ، وَلَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُضْجِرُهُ، وَلْيَسْتَشِرْهُ فِي أُمُورِهِ وَمَا يَشْتَغِلُ فِيهِ، وَكَيْفِيَّةِ اشْتِغَالِهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ إِذَا ظَفِرَ بِسَمَاعٍ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ غَيْرَهُ، فَإِنَّ كِتْمَانَهُ لُؤْمٌ يَقَعُ فِيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ فَيُخَافُ عَلَى كَاتمِهِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ، فَإِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الْحَدِيثِ إِفَادَتَهُ، وَنَشْرَهُ يُمْنٌ، وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ أَنْ يَمْنَعَهُ الْحَيَاءُ وَالْكِبْرُ مِنَ السَّعْيِ التَّامِّ فِي التَّحْصِيلِ وَأَخْذِ الْعِلْمِ مِمَّنْ دُونَهُ فِي نَسَبٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلْيَصْبِرْ عَلَى جَفَاءِ شَيْخِهِ، وَلْيَعْتَنِ بِالْمُهِمِّ، وَلَا يُضَيِّعْ وَقْتَهُ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ لِمُجَرَّدِ اسْمِ الْكَثْرَةِ، وَلْيَكْتُبْ وَلْيَسْمَعْ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ بِكَمَالِهِ، وَلَا يَنْتَخِبْ فَإِنِ احْتَاجَ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَصَّرَ عَنْهُ اسْتَعَانَ بِحَافِظٍ.
ــ
[تدريب الراوي]
[فَصْلٌ وينبغي للمحدث تعظيم شيخه]
(فَصْلٌ:
وَيَنْبَغِي) لِلطَّالِبِ (أَنْ يُعَظِّمَ شَيْخَهُ وَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُ؛ فَذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعِلْمِ وَأَسْبَابِ الِانْتِفَاعِ بِهِ) .
وَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ: كُنَّا نَهَابُ إِبْرَاهِيمَ كَمَا نَهَابُ الْأَمِيرَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَوْقَرَ لِلْمُحَدِّثِينَ مِنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «تَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمُونَ مِنْهُ» ؛ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى عُمَرَ.
وَأَوْرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَأَسْنَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَجَدْتُ عَامَّةَ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِنْ كُنْتُ لَآتِيَ بَابَ أَحَدِهِمْ فَأَقِيلُ بِبَابِهِ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي عَلَيْهِ لَأُذِنَ لِي، لِقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَبْتَغِي بِذَلِكَ طِيبَ نَفْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute