أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَكْرُوهٌ جِدًّا، ذَمَّهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ: مَنْ عُرِفَ بِهِ صَارَ مَجْرُوحًا مَرْدُودَ الرِّوَايَةِ وَإِنْ بَيَّنَ السَّمَاعَ، وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، فَمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ فَمُرْسَلٌ، وَمَا بَيَّنَهُ فِيهِ كَسَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا وَشِبْهِهَا فَمَقْبُولٌ مُحْتَجٌّ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرٌ، كَقَتَادَةَ، وَالسُّفْيَانَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِيمَنْ دَلَّسَ مَرَّةً، وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَشِبْهِهِمَا، عَنِ الْمُدَلِّسِينَ بِعَنْ مَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ السَّمَاعِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَرَاهَتُهُ أَخَفُّ، وَسَبَبُهَا تَوْعِيرُ طَرِيقِ مَعْرِفَتِهِ، وَتَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي كَرَاهَتِهِ بِحَسَبِ غَرَضِهِ، لِكَوْنِ الْمُغَيَّرِ اسْمُهُ ضَعِيفًا، أَوْ صَغِيرًا، أَوْ مُتَأَخِّرَ الْوَفَاةِ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ كَثِيرًا، فَامْتَنَعَ مِنْ تَكْرَارِهِ عَلَى صُورَةٍ، وَتَسَمَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ بِهَذَا.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَيَدْخُلُ أَيْضًا فِي هَذَا الْقِسْمِ التَّسْوِيَةُ، بِأَنْ يَصِفَ شَيْخَ شَيْخِهِ بِذَلِكَ.
[حكم التَّدْلِيسُ]
(أَمَّا) الْقِسْمُ (الْأَوَّلُ فَمَكْرُوهٌ جِدًّا، ذَمَّهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ) ، وَبَالَغَ شُعْبَةُ فِي ذَمِّهِ، فَقَالَ: لَأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ.
وَقَالَ: التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِنْهُ إِفْرَاطٌ، مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ.
(ثُمَّ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ (مَنْ عُرِفَ بِهِ صَارَ مَجْرُوحًا مَرْدُودَ الرِّوَايَةِ) مُطْلَقًا، (وَإِنْ بَيَّنَ السَّمَاعَ) .
وَقَالَ جُمْهُورُ مَنْ يَقْبَلُ الْمُرْسَلَ: يَقْبَلُ مُطْلَقًا، حَكَاهُ الْخَطِيبُ.
وَنَقْلُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى رَدِّ مَا عَنْعَنَهُ تَبَعًا لِلْبَيْهَقِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَحْمُولٌ عَلَى اتِّفَاقِ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute