الْعَاشِرُ: النُّسَخُ وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ كَنُسْخَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ مَنْ يُجَدِّدُ الْإِسْنَادَ أَوَّلَ كُلِّ حَدِيثٍ وَهُوَ أَحْوَطُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتَفِي بِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ، أَوْ أَوَّلَ كُلِّ مَجْلِسٍ وَيُدْرِجُ الْبَاقِيَ عَلَيْهِ قَائِلًا فِي كُلِّ حَدِيثٍ وَبِالْإِسْنَادِ أَوْ وَبِهِ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ.
فَمَنْ سَمِعَ هَكَذَا فَأَرَادَ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ بِإِسْنَادِهِ جَازَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَمَنَعَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ وَغَيْرُهُ. فَعَلَى هَذَا طَرِيقُهُ أَنْ يُبَيِّنَ كَقَوْلِ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَدْنَى مَقْعَدِ أَحَدِكُمْ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَكَذَا فَعَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ، وَأَمَّا إِعَادَةُ بَعْضِ الْإِسْنَادِ آخِرَ الْكِتَابِ فَلَا يَرْفَعُ هَذَا الْخِلَافَ إِلَّا أَنَّهُ يُفِيدُ احْتِيَاطًا وَإِجَازَةً بَالِغَةً مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِهَا.
ــ
[تدريب الراوي]
إِنْكَارُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ كَلَامَيِ الْمُتَكَلِّمَيْنِ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَحَيْثُ لَمْ يُفْصَلْ فَهُوَ مُضْمَرٌ، وَالْإِضْمَارُ خِلَافُ الْأَصْلِ.
قُلْتُ: وَجْهُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ ; لِأَنَّ أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا بِمَعْنَى قَالَ لَنَا، إِذْ حَدَّثَ بِمَعْنَى قَالَ، وَنَا بِمَعْنَى لَنَا، فَقَوْلُهُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، حَدَّثَنَا فُلَانٌ، مَعْنَاهُ: قَالَ لَنَا فُلَانٌ، قَالَ لَنَا فُلَانٌ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ.
وَقَدْ ظَهَرَ لِي هَذَا الْجَوَابُ وَأَنَا فِي أَوَائِلِ الطَّلَبِ فَعَرَضْتُهُ لِبَعْضِ الْمُدَرِّسِينَ فَلَمْ يَهْتَدِ لِفَهْمِهِ لِجَهْلِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ مَنْقُولًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَنْصُرُ هَذَا الْقَوْلَ وَيُرَجِّحُهُ، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
تَنْبِيهٌ:
مِمَّا يُحْذَفُ فِي الْخَطِّ أَيْضًا لَا فِي اللَّفْظِ، لَفْظُ " أَنَّهُ " كَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَطَاءَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَيْ أَنَّهُ سَمِعَ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ: لَفْظَ أَنَّهُ يُحْذَفُ فِي الْخَطِّ عُرْفًا.
[الْعَاشِرُ النَّسْخُ وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ]
(الْعَاشِرُ: النَّسْخُ، وَالْأَجْزَاءُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَحَادِيثَ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ كَنُسْخَةِ هَمَّامِ) ابْنِ مُنَبِّهٍ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّازَّقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute