ثُمَّ الْمُرْسَلُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُحَدِّثِينَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي طَائِفَةٍ: صَحِيحٌ، فَإِنْ صَحَّ مُخْرَجُ الْمُرْسَلِ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُسْنَدًا أَوْ مُرْسَلًا أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذَ عَنْ غَيْرِ رِجَالِ الْأَوَّلِ كَانَ صَحِيحًا، وَيَتَبَيَّنُ بِذَلِكَ صِحَّةُ الْمُرْسَلِ وَأَنَّهُمَا صَحِيحَانِ لَوْ عَارَضَهُمَا صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقٍ رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُرْسَلِ الصَّحَابِيِّ، أَمَّا مُرْسَلُهُ فَمَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَمُرْسَلِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الرِّوَايَةَ عَنْ صَحَابِيٍّ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْمَرَاسِيلِ "، فَإِنَّهُ يَرْوِي فِيهِ مَا أُبْهِمَ فِيهِ الرَّجُلُ.
قَالَ: بَلْ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى هَذَا فِي " سُنَنِهِ "، فَجَعَلَ مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ مُرْسَلًا، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا إِنْ كَانَ يُسَمِّيهِ مُرْسَلًا، وَيَجْعَلُهُ حُجَّةً كَمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ قَرِيبٌ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: إِذَا صَحَّ الْإِسْنَادُ، عَنِ الثِّقَاتِ، إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ حُجَّةٌ كَمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَفَرَّقَ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ أَنْ يَرْوِيَهُ التَّابِعِيُّ، عَنِ الصَّحَابِيِّ مُعَنْعَنًا، أَوْ مُصَرَّحًا بِالسَّمَاعِ.
قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ، وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ قَبُولَهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. انْتَهَى.
[[حكم المرسل]]
(ثُمَّ الْمُرْسَلُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ) ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ (عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُحَدِّثِينَ وَالشَّافِعِيِّ) ، كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ مُسْلِمٌ فِي صَدْرِ صَحِيحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ "، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمَالِكٍ، (وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute