الثَّانِي: إِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَهُ بِكَذَا أَوْ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ كَذَا، أَوْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ كَانَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ يَفْعَلُ، وَشِبْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ: لَا تَلْتَحِقُ أَنَّ وَشِبْهُهَا بِعَنْ بَلْ يَكُونُ مُنْقَطِعًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: (أَنَّ) كَـ (عَنْ) ، وَمُطْلَقُهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَنْ حَكَمَ بِالِانْقِطَاعِ مُطْلَقًا شَدَّدَ، وَيَلِيهِ مَنْ شَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ، وَمَنِ اكْتَفَى بِالْمُعَاصَرَةِ سَهَّلَ، وَالْوَسَطُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ إِلَّا التَّعَنُّتُ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ، مِنْ لُزُومِ رَدِّ الْمُعَنْعَنِ دَائِمًا، لِاحْتِمَالِ عَدَمِ السَّمَاعِ لَيْسَ بِوَارِدٍ ; لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي غَيْرِ الْمُدَلِّسِ، وَمَنْ عَنْعَنَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ فَهُوَ مُدَلِّسٌ.
قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وُرُودَ عَنْ فِيمَا لَمْ يُمْكِنْ سَمَاعُهُ مِنَ الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي سَمِعَ مِنْهُ الْكَثِيرَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ الْحَرُورِيَّةُ، فَقَتَلُوهُ حَتَّى جَرَى (ق ٧٤ \ أ) دَمُهُ فِي النَّهْرِ، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ خَبَّابٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْتُولُ.
قُلْتُ: السَّمَاعُ إِنَّمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الْقَوْلِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُشَاهَدَةُ، وَهَذَا وَاضِحٌ.
(وَكَثُرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ اسْتِعْمَالُ عَنْ فِي الْإِجَازَةِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ) مَثَلًا (قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ، عَنْ فُلَانٍ، فَمُرَادُهُ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ) ، وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ، عَنِ الِاتِّصَالِ.
[[الثاني استعمال أن وعن في الإجازة]]
(الثَّانِي: إِذَا قَالَ) الرَّاوِي، كَمَالِكٍ مَثَلًا: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ حَدَّثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute