وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمْعُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَالنَّظَرُ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ وَضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ، وَكَثُرَ التَّعْلِيلُ بِالْإِرْسَالِ بِأَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ أَقْوَى مِمَّنْ وَصَلَ، وَتَقَعُ الْعِلَّةُ فِي الْإِسْنَادِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ تَقَعُ فِي الْمَتْنِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْإِسْنَادِ قَدْ يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي الْمَتْنِ. كَالْإِرْسَالِ وَالْوَقْفِ، وَقَدْ يَقْدَحُ فِي الْإِسْنَادِ خَاصَّةً، وَيَكُونُ الْمَتْنُ مَعْرُوفًا صَحِيحًا، كَحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَدِيثُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» غَلِطَ يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: فِي مَعْرِفَةِ عِلَّةِ الْحَدِيثِ إِلْهَامٌ، لَوْ قُلْتَ لِلْعَالِمِ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ، وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ لَا يَهْتَدِي لِذَلِكَ.
وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا: إِنَّكَ تَقُولُ لِلشَّيْءِ: هَذَا صَحِيحٌ، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ، فَعَمَّنْ تَقُولُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَتَيْتَ النَّاقِدَ، فَأَرَيْتَهُ دَرَاهِمَكَ، فَقَالَ: هَذَا جَيِّدٌ، وَهَذَا بَهْرَجٌ، أَكُنْتَ تَسْأَلُ، عَنْ مَنْ ذَلِكَ، أَوْ تُسَلِّمُ لَهُ الْأَمْرَ؟ قَالَ: بَلْ أُسَلِّمُ لَهُ الْأَمْرَ، قَالَ: فَهَذَا كَذَلِكَ، لِطُولِ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْخِبْرَةِ.
وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا الْحُجَّةُ فِي تَعْلِيلِكُمُ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: الْحُجَّةُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ لَهُ عِلَّةٌ فَأَذْكُرَ عِلَّتَهُ ثُمَّ تَقْصِدَ ابْنَ وَارَةَ فَتَسْأَلَهُ عَنْهُ فَيَذْكُرَ عِلَّتَهُ ثُمَّ تَقْصِدَ أَبَا حَاتِمٍ فَيُعَلِّلَهُ، ثُمَّ تُمَيِّزَ كَلَامَنَا عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَيْنَنَا خِلَافًا، فَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنَّا تَكَلَّمَ عَلَى مُرَادِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ الْكَلِمَةَ مُتَّفِقَةً فَاعْلَمْ حَقِيقَةَ هَذَا الْعِلْمِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ إِلْهَامٌ.
[[الطريق إلى معرفة العلة مع ذكر أمثلة لها]]
(وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ جَمْعُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَالنَّظَرُ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ، وَ) فِي (ضَبْطِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ) .
قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: الْبَابُ إِذَا لَمْ تُجْمَعْ طُرُقُهُ لَمْ يُتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute