للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

مَنَعَهُ إِيَّاهُ، فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ: أَخْرِجْ إِلَيْنَا كُتُبَكَ فَمَا كَانَ مِنْ سَمَاعِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَطِّ يَدِكَ أَلْزَمْنَاكَ، وَمَا كَانَ بِخَطِّهِ أَعْفَيْنَاكَ مِنْهُ.

قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: فَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ عَنْ هَذَا فَقَالَ: لَا يَجِيءُ فِي هَذَا الْبَابِ حُكْمٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا ; لِأَنَّ خَطَّ صَاحِبِ الْكِتَابِ دَالٌّ عَلَى رِضَاهُ بِاسْتِمَاعِ صَاحِبِهِ مَعَهُ.

وَأَمَّا حُكْمُ إِسْمَاعِيلَ، فَرَوَى الْخَطِيبُ أَنَّهُ تُحُوكِمَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي عَلَيْهِ: إِنْ كَانَ سَمَاعُهُ فِي كِتَابِكَ بِخَطِّ يَدِكَ فَيَلْزَمُكَ أَنْ تُغَيِّرَهُ.

(وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْوُجُوبُ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قَدْ تَعَاضَدَتْ أَقْوَالُ هَذِهِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى أَنَّ سَمَاعَ غَيْرِهِ إِذَا ثَبَتَ فِي كِتَابِهِ بِرِضَاهُ فَيَلْزَمُهُ إِعَارَتُهُ إِيَّاهُ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ لَا يُبَيِّنُ لَهُ وَجْهَهُ، ثُمَّ وَجَّهْتُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ لَهُ عِنْدَهُ، فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا بِمَا حَوَتْهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَذْلُ مَالِهِ كَمَا يَلْزَمُ مُتَحَمِّلَ الشَّهَادَةِ أَدَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَذْلُ نَفْسِهِ بِالسَّعْيِ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِأَدَائِهَا.

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ، عِنْدِي فِي تَوْجِيهِهِ غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا، مَعَ حُصُولِ عَلَقَةٍ بَيْنَ الْمُحْتَاجِ وَالْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، تَقْضِي إِلْزَامَهُ بِإِسْعَافِهِ فِي مَقْصِدِهِ.

قَالَ وَأَصْلُهُ إِعَارَةُ الْجِدَارِ لِوَضْعِ جُذُوعِ الْجَارِ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَالَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، فَإِذَا كَانَ يُلْزَمُ الْجَارُ بِالْعَارِيَةِ مَعَ دَوَامِ الْجُذُوعِ فِي الْغَالِبِ، فَلِأَنْ يُلْزَمَ صَاحِبُ الْكِتَابِ مَعَ عَدَمِ دَوَامِ الْعَارِيَةِ أَوْلَى.

(فَإِذَا نَسَخَهُ فَلَا يَنْقُلُ سَمَاعَهُ إِلَى نُسْخَتِهِ) ، أَيْ لَا يُثْبِتُهُ عَلَيْهَا (إِلَّا بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ الْمَرْضِيَّةِ، وَ) كَذَا (لَا يُنْقَلُ سَمَاعٌ) مَا (إِلَى نُسْخَةٍ، إِلَّا بَعْدَ مُقَابَلَةٍ مَرْضِيَّةٍ) ; لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِتِلْكَ النُّسْخَةِ، (إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهَا غَيْرَ مُقَابَلَةٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ]

[[مذاهب العلماء في الرواية]]

النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ:

(صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) وَآدَابُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (تَقَدَّمَ جُمَلٌ مِنْهُ فِي النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُ وَغَيْرِهِمَا) كَأَلْفَاظِ الْأَدَاءِ (وَقَدْ شَدَّدَ قَوْمٌ فِي الرِّوَايَةِ فَأَفْرَطُوا) أَيْ بَالَغُوا، (وَتَسَاهَلَ) فِيهَا (آخَرُونَ فَفَرَّطُوا) أَيْ قَصَّرُوا.

(فَمِنَ الْمُشَدِّدِينَ مَنْ قَالَ: لَا حُجَّةَ إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ) الرَّاوِي (مِنْ حِفْظِهِ وَتَذَكُّرِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>