للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ:

وَلْيَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ، وَلْيَعْتَنِ بالتَصْنِيفِ فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِ مُشْكِلهِ مُتْقَنًا وَاضِحًا فَقَلَّمَا يَمْهَرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَصْنِيفِ الْحَدِيثِ طَرِيقَانِ: أَجْوَدُهُمَا تَصْنِيفُهُ عَلَى الْأَبْوَابِ؛ فَيَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا حَضَرَهُ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ تَصْنِيفُهُ عَلَى الْمَسَانِيدِ فَيَجْمَعُ فِي تَرْجَمَةِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِهِ صَحِيحِهِ وَضَعِيفِهِ.

وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُرَتِّبَهُ عَلَى الْحُرُوفِ أَوْ عَلَى الْقَبَائِلِ فَيَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ؛ نَسَبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَلَى السَّوَابِقِ فَبِالْعَشَرَةِ ثُمَّ أَهْلِ بَدْرٍ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ الْمُهَاجِرِينَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَتْحِ، ثُمَّ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ النِّسَاءِ بَادِئًا بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ أَحْسَنِهِ تَصْنِيفُهُ مُعَلَّلًا بِأَنْ يَجْمَعَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ أَوْ بَابٍ طُرُقَهُ وَاخْتِلَافَ رُوَاتِهِ، وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا حَدِيثَ الشُّيُوخِ كُلِّ شَيْخٍ عَلَى انْفِرَادِهِ: كَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَغَيْرِهِمَا.

وَالتَّرَاجِمُ: كَمَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. وَالْأَبْوَابُ كَرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ.

وَلْيَحْذَرْ إِخْرَاجَ تَصْنِيفِهِ إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَكْرِيرِهِ النَّظَرَ فِيهِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ تَصْنِيفِ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى الْعِبَارَاتِ الْوَاضِحَةَ، وَالَاصْطِلَاحَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةَ.

ــ

[تدريب الراوي]

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ؛ فَإِنْ لَا تَفْعَلُوا يَدْرُسُ.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ حَيَاتَهُ مُذَاكَرَتُهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ إِحْيَاءِ لَيْلَةٍ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: مُذَاكَرَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَقِلَّةُ الْمُذَاكَرَةِ، رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ".

وَلْيَكُنْ حِفْظُهُ لَهُ بِالتَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا؛ فَفِي الصَّحِيحِ: «خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» .

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ جُمْلَةً فَاتَهُ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا يُدْرِكُ الْعِلْمَ حَدِيثٌ وَحَدِيثَانِ.

[فَصْلٌ يَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ]

(فَصْلٌ:

وَلْيَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ وَالتَّصْنِيفِ إِذَا تَأَهَّلَ لَهُ) مُبَادِرًا إِلَيْهِ، (وَلْيَعْتَنِ بِالتَّصْنِيفِ فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِ مُشْكِلِهِ مُتْقِنًا وَاضِحًا؛ فَقَلَّمَا يَمْهَرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>