للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي إِسْنَادٍ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا.

ــ

[تدريب الراوي]

وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَشِبْهِهِ، أَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ.

(وَإِذَا قِيلَ) هَذَا حَدِيثٌ (غَيْرُ صَحِيحٍ) لَوْ قَالَ: ضَعِيفٌ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَسْلَمَ مِنْ دُخُولِ الْحَسَنِ (فَمَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ) عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، لَا أَنَّهُ كَذِبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِجَوَازِ صِدْقِ الْكَاذِبِ وَإِصَابَةِ مَنْ هُوَ كَثِيرُ الْخَطَأِ.

[هل يُجْزَمُ فِي إِسْنَادِ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا]

(وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُجْزَمُ فِي إِسْنَادِهِ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ مُطْلَقًا) لِأَنَّ تَفَاوُتَ مَرَاتِبِ الصِّحَّةِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَكُّنِ الْإِسْنَادِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَيَعِزُّ وُجُودُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْقَبُولِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ الْكَائِنِينَ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَلِهَذَا اضْطَرَبَ مَنْ خَاضَ فِي ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمُ اسْتِقْرَاءٌ تَامٌّ، وَإِنَّمَا رَجَّحَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ مَا قَوِيَ عِنْدَهُ خُصُوصًا إِسْنَادَ بَلَدِهِ لِكَثْرَةِ اعْتِنَائِهِ بِهِ، كَمَا رَوَى الْخَطِيبُ فِي الْجَامِعِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلَانَ يَقُولُ: قِيلَ لِوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَسُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، أَيُّهُمْ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَا نَعْدِلُ بِأَهْلِ بَلَدِنَا أَحَدًا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: فَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ، هَكَذَا رَأَيْتُ أَصْحَابَنَا يُقَدِّمُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>