قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَخْلُو إِسْنَادُهُ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ، وَلَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَأِ، وَلَا ظَهَرَ مِنْهُ سَبَبٌ مُفَسِّقٌ، وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ مَعْرُوفًا بِرِوَايَةِ مِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الصَّحِيحِ لِقُصُورِهِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَهُوَ مُرْتَفِعٌ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ تَفَرُّدُهُ مُنْكَرًا.
ثُمَّ الْحَسَنُ كَالصَّحِيحِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الْقُوَّةِ؛ وَلِهَذَا أَدْرَجَتْهُ طَائِفَةٌ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ: وَأَيْضًا فِيهِ دَوْرٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ بِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ حَسَنًا.
قُلْتُ: لَيْسَ قَوْلُهُ: " وَيُعْمَلُ بِهِ " مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ بَلْ زَائِدٌ عَلَيْهِ؛ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ كَالصَّحِيحِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ فَصَلَهُ مِنَ الْحَدِّ، حَيْثُ قَالَ: مَا فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ فَهُوَ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ، وَيَصْلُحُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِهِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ الْحَسَنِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ وَسَطٌ بَيْنَهُمَا، فَقَوْلُهُ: قَرِيبٌ، أَيْ قَرِيبٌ مَخْرَجُهُ إِلَى الصَّحِيحِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِ رِجَالِهِ مَسْتُورِينَ.
[[أقسام الحسن وحكم الاحتجاج به]]
(قَالَ الشَّيْخُ) ابْنُ الصَّلَاحِ، بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْحُدُودَ الثَّلَاثَةَ وَقَوْلِهِ مَا تَقَدَّمَ: قَدْ أَمْعَنْتُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَالْبَحْثَ جَامِعًا بَيْنَ أَطْرَافِ كَلَامِهِمْ مُلَاحِظًا مَوَاقِعَ اسْتِعْمَالِهِمْ فَتَنَقَّحَ لِي، وَاتَّضَحَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ (هُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَخْلُو إِسْنَادُهُ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ، وَلَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَأِ) فِيمَا يَرْوِيهِ، وَلَا هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ (وَلَا ظَهَرَ مِنْهُ سَبَبٌ) آخَرُ (مُفَسِّقٌ وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ) مَعَ ذَلِكَ (مَعْرُوفًا بِرِوَايَةِ مِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى اعْتُضِدَ بِمُتَابَعَةِ مَنْ تَابَعَ رَاوِيَهُ عَلَى مِثْلِهِ، أَوْ بِمَا لَهُ مِنْ شَاهِدٍ، وَهُوَ وُرُودُ حَدِيثٍ آخَرَ نَحْوِهِ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا أَوْ مُنْكَرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute