. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْخَطِيبُ: لَا يَتَمَهَّرُ فِي الْحَدِيثِ وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضِهِ، وَيَسْتَبِينُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ جَمَعَ مُتَفَرِّقَهُ، وَأَلَّفَ مُتَشَتِّتَهُ، وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي النَّفْسَ، وَيُثَبِّتُ الْحِفْظَ، وَيُذْكِي الْقَلْبَ، وَيَشْحَذُ الطَّبْعَ، وَيَبْسُطُ اللِّسَانَ، وَيُجِيدُ الْبَيَانَ، وَيَكْشِفُ الْمُشْتَبِهَ، وَيُوَضِّحُ الْمُلْتَبِسَ، وَيُكْسِبُ أَيْضًا جَمِيلَ الذِّكْرِ، وَيُخَلِّدُهُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
يَمُوتُ قَوْمٌ فَيُحْيِي الْعِلْمُ ذِكْرَهُمُ ... وَالْجَهْلُ يُلْحِقُ أَمْوَاتًا بِأَمْوَاتِ
قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ الْفَائِدَةَ فَلْيَكْسِرْ قَلَمَ النَّسْخِ، وَلْيَأْخُذْ قَلَمَ التَّخْرِيجَ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِالتَّصْنِيفِ يَطَّلِعُ عَلَى حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَدَقَائِقِهِ وَيَثْبُتُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ يَضْطَرُّهُ إِلَى كَثْرَةِ التَّفْتِيشِ، وَالْمُطَالَعَةِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالْمُرَاجَعَةِ، وَالَاطِّلَاعِ عَلَى مُخْتَلَفِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَمُتَّفَقِهِ، وَوَاضِحِهِ مِنْ مُشْكِلِهِ، وَصَحِيحِهِ مِنْ ضَعِيفِهِ، وَجَزْلِهِ مِنْ رَكِيكِهِ، وَمَا لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِهِ يَتَّصِفُ الْمُحَقِّقُ بِصِفَةِ الْمُجْتَهِدِ.
قَالَ الرَّبِيعُ: لَمْ أَرَ الشَّافِعِيَّ آكِلًا بِنَهَارٍ وَلَا نَائِمًا بِلَيْلٍ لَاهْتِمَامِهِ بِالتَّصْنِيفِ.
(وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَصْنِيفِ الْحَدِيثِ) وَجَمْعِهِ (طَرِيقَانِ:
أَجْوَدُهُمَا تَصْنِيفُهُ عَلَى الْأَبْوَابِ) الْفِقْهِيَّةِ كَالْكُتُبِ السِّتَّةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ غَيْرِهَا كَشُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(فَيَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا حَضَرَهُ) مِمَّا وَرَدَ (فِيهِ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِهِ إِثْبَاتًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute