للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

مِنْهَا: جَلَالَتُهُمَا فِي هَذَا الشَّأْنِ وَتَقَدُّمُهُمَا فِي تَمْيِيزِ الصَّحِيحِ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَتَلَقِّي الْعُلَمَاءِ لِكِتَابَيْهِمَا بِالْقَبُولِ، وَهَذَا التَّلَقِّي وَحْدَهُ أَقْوَى فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ مِنْ مُجَرَّدِ كَثْرَةِ الطُّرُقِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِمَا لَا يَنْتَقِدُهُ أَحَدٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِمَّا فِي الْكِتَابَيْنِ، وَبِمَا لَمْ يَقَعِ التَّجَاذُبُ بَيْنَ مَدْلُولَيْهِ مِمَّا وَقَعَ فِي الْكِتَابَيْنِ، حَيْثُ لَا تَرْجِيحَ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يُفِيدَ الْمُتَنَاقِضَانِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْإِجْمَاعُ حَاصِلٌ عَلَى تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ.

قَالَ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ لَا عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِكُلِّ مَا صَحَّ، وَلَوْ لَمْ يُخْرِجَاهُ، فَلَمْ يَبْقَ لِلصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا مَزِيَّةٌ، وَالْإِجْمَاعُ حَاصِلٌ عَلَى أَنَّ لَهُمَا مَزِيَّةً، فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الصِّحَّةِ.

قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَزِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَوْنُ أَحَادِيثِهِمَا أَصَحَّ الصَّحِيحِ، قَالَ: وَمِنْهَا الْمَشْهُورُ إِذَا كَانَتْ لَهُ طُرُقٌ مُتَبَايِنَةٌ سَالِمَةٌ مِنْ ضَعْفِ الرُّوَاةِ وَالْعِلَلِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِإِفَادَتِهِ الْعِلْمَ النَّظَرِيَّ، الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ.

قَالَ: وَمِنْهَا الْمُسَلْسَلُ بِالْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ حَيْثُ لَا يَكُونُ غَرِيبًا، كَحَدِيثٍ يَرْوِيهِ أَحْمَدُ مَثَلًا وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِالِاسْتِدْلَالِ مِنْ جِهَةِ جَلَالَةِ رُوَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>