للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

مِنْ كِتَابِهِ وَيُصَوِّبُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي عَدْلًا لَكِنْ لَا يَحْفَظُ مَا سَمِعَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ فَحَدَّثَ مِنْهُ فَقَدْ فَعَلَ اللَّازِمَ لَهُ، فَحَدِيثُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ.

قَالَ: وَفِي الْجُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ كَوْنِ الْأَسَانِيدِ مَا مِنْهَا إِلَّا وَفِيهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الضَّبْطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الصَّحِيحِ، إِنْ أَرَادَ أَنَّ جَمِيعَ الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ مَنْ يَكُونُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ، وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ إِسْنَادٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ بَعْضَ الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى التَّعَذُّرِ، إِلَّا فِي جُزْءٍ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَتِهِ مَنْ وُصِفَ بِذَلِكَ.

أَمَّا الْكِتَابُ الْمَشْهُورُ الْغَنِيُّ بِشُهْرَتِهِ عَنِ اعْتِبَارِ الْإِسْنَادِ مِنَّا إِلَى مُصَنِّفِهِ كَالْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ، مِمَّا لَا يُحْتَاجُ فِي صِحَّةِ نِسْبَتِهَا إِلَى مُؤَلِّفِهَا إِلَى اعْتِبَارِ إِسْنَادٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ مِنْهُمْ إِذَا رَوَى حَدِيثًا، وَوُجِدَتِ الشَّرَائِطُ فِيهِ مَجْمُوعَةً، وَلَمْ يَطَّلِعِ الْمُحَدِّثُ الْمُتْقِنُ الْمُطَّلِعُ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ لَمْ يَمْتَنِعِ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ.

قَالَ: ثُمَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ قَبُولِ التَّصْحِيحِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَرَدِّهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَدْ يَسْلَتْزِمُ رَدَّ مَا هُوَ صَحِيحٌ، وَقَبُولَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ إِمَامٌ مُتَقَدِّمٌ اطَّلَعَ الْمُتَأَخِّرُ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ قَادِحَةٍ تَمْنَعُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُتَقَدِّمُ مِمَّنْ لَا يَرَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، كَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ.

قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَدَّعِي تَعْمِيمَ الْخَلَلِ فِي جَمِيعِ الْأَسَانِيدِ الْمُتَأَخِّرَةِ، ثُمَّ يَقْبَلُ تَصْحِيحَ الْمُتَقَدِّمِ، وَذَلِكَ التَّصْحِيحُ إِنَّمَا يَتَّصِلُ لِلْمُتَأَخِّرِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي يَدَّعِي فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>