. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُ الْقَفَّالِ: مُرْسَلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ مَنْ قَالَ (ق ٦٧ \ ب) : إِنَّهُ حُجَّةٌ، بِقَوْلِهِ: إِرْسَالُهُ حَسَنٌ ; لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، بَلْ لِمَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلِ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ، وَهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ.
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَغَيْرُهُ هَذَا الْحُكْمَ، عَنْ تَمَامِ السَّبْعَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، فَهَذَا عَاضِدٌ ثَانٍ لِلْمُرْسَلِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ، فَكَانَ فِي الْقَدِيمِ يَحْتَجُّ بِهَا بِانْفِرَادِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُرْسِلُ حَدِيثًا إِلَّا يُوجَدُ مُسْنَدًا ; وَلِأَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، أَوْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، أَوْ عَضَّدَهُ قَوْلُهُمْ، أَوْ رَآهُ مُنْتَشِرًا عِنْدَ الْكَافَّةِ، أَوْ وَافَقَهُ فِعْلُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَرَاسِيلَهُ سُبِرَتْ، فَكَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُوَاصَلَةِ، وَالصِّهَارَةِ، فَصَارَ إِرْسَالُهُ كَإِسْنَادِهِ عَنْهُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ.
ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدٍ يَصْلُحُ مِثَالًا لِأَقْسَامِ الْمُرْسَلِ الْمَقْبُولِ، فَإِنَّهُ عَضَّدَهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ وَأَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ آخَرُ أَرْسَلَهُ مَنْ أَخَذَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِ رِجَالِ الْأَوَّلِ، وَشَاهِدٌ آخَرُ مُسْنَدٌ، فَرَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute