للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

وَقَوْلُهُ وَمَنْ ضَعَّفْنَاهُ أَيْ بِالْكَذِبِ، فَانْتَظَمَ مَعَ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَقَدْ وَجَدْتُ فِي الْفِقْهِ فَرْعَيْنِ يَشْهَدَانِ لِمَا قَالَهُ الصَّيْرَفِيُّ وَالسَّمْعَانِيُّ، فَذَكَرُوا فِي بَابِ اللِّعَانِ: أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ لَا يَعُودُ مُحْصَنًا وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِبَقَاءِ ثُلْمَةِ عَرْضِهِ، فَهَذَا نَظِيرُ أَنَّ الْكَاذِبَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَبَدًا، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ الْقَذْفِ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ لَمْ يُحَدَّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَفْضَحُ أَحَدًا مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَالظَّاهِرُ تَقَدُّمُ زِنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُحَدَّ لَهُ الْقَاذِفُ.

وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيمَنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ: الظَّاهِرُ تَكَرُّرُ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى ظَهَرَ لَنَا، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا ذَلِكَ فِيمَا رَوَى مِنْ حَدِيثِهِ فَوَجَبَ إِسْقَاطُ الْكُلِّ، وَهَذَا وَاضِحٌ بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَنَبَّهَ لِمَا حَرَّرْتُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

١ -

فَائِدَةٌ

مِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ تَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ خَاضَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَغَايَةُ مَا فَرَّقُوا بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخَالُفًا فِي الْحَقِيقَةِ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَقَمْتُ مُدَّةً أَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى ظَفِرْتُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ، فَقَالَ: الرِّوَايَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ لَا تَرَافُعَ فِيهِ إِلَى الْحُكَّامِ وَخِلَافُهُ الشَّهَادَةُ، وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الَّتِي يَفْتَرِقَانِ فِيهَا فَكَثِيرَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَمِيعِهَا، وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>