للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ هُنَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّسَخِ مِنْ أَصْلِ السَّمَاعِ وَالنُّسَخِ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّيْخِ حِفْظًا؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَوَّانٌ.

قَالَ: وَلَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ لِلْإِمْلَاءِ أَيْضًا إِنَّمَا هِيَ مَعَ الشَّيْخِ أَيْضًا مِنْ حِفْظِهِ، لَا عَلَى أُصُولِهِ.

قُلْتُ: جَرَتْ عَادَتُنَا بِتَخْرِيجِ الْإِمْلَاءِ وَتَحْرِيرِهِ فِي كُرَّاسَةٍ، ثُمَّ نُمْلِي حِفْظًا، وَإِذَا نَجَزَ قَابَلَهُ الْمُمْلِي مَعَنَا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي حَرَّرْنَاهُ؛ وَذَلِكَ غَايَةُ الْإِتْقَانِ، وَقَدْ كَانَ الْإِمْلَاءُ دَرَسَ بَعْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ إِلَى أَوَاخِرِ أَيَّامِ الْحَافِظِ أَبِي الْفَضْلِ الْعِرَاقِيِّ؛ فَافْتَتَحَهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَأَمْلَى أَرْبَعَمِائَةِ مَجْلِسٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ مَجْلِسًا إِلَى سَنَةِ مَوْتِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِمِائَةٍ، ثُمَّ أَمْلَى وَلَدُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ - سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ - سِتَّمِائَةِ مَجْلِسٍ وَكَسْرًا.

ثُمَّ أَمْلَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ مَجْلِسٍ، ثُمَّ دَرَسَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَافْتَتَحْتُهُ أَوَّلَ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَأَمْلَيْتُ ثَمَانِينَ مَجْلِسًا ثُمَّ خَمْسِينَ أُخْرَى.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْلِيَ فِي الْأُسْبُوعِ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا؛ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوَدِدْنَا أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا» .

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مِرَارٍ، وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ هَذَا الْقُرْآنَ، وَلَا تَأْتِ الْقَوْمَ وَهُمْ فِي حَدِيثٍ فَتَقْطَعَ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ؛ فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>