. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
لِئَلَا يَتَّفِقَ لِلَّذِي يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى ; ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ، فَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ، فَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ الْعَدْوَى، فَيَقَعُ فِي الْحَرَجِ، فَأُمِرَ بِتَجَنُّبِهِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ إِثْبَاتَ الْعَدْوَى فِي الْجُذَامِ وَنَحْوِهِ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ نَفْيِ الْعَدْوَى، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا عَدْوَى» أَيْ إِلَّا مِنَ الْجُذَامِ وَنَحْوِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا إِلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ تَبْيِينِي لَهُ أَنَّهُ يُعْدِي؛ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِرَارِ رِعَايَةٌ لِخَاطِرِ الْمَجْذُومِ، لِأَنَّهُ إِذَا رَأَى الصَّحِيحَ تَعْظُمُ مُصِيبَتُهُ، وَتَزْدَادُ حَسْرَتُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِينَ» ؛ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَفِيهِ مَسَالِكُ أُخَرُ.
(وَ) الْقِسْمُ (الثَّانِي: لَا يُمْكِنُ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (بِوَجْهٍ؛ فَإِنْ عَلِمْنَا أَحَدَهُمَا نَاسِخًا) بِطَرِيقَةٍ مِمَّا سَبَقَ (قَدَّمْنَاهُ، وَإِلَّا عَمِلْنَا بِالرَّاجِحِ) مِنْهُمَا، (كَالتَّرْجِيحِ بِصِفَاتِ الرُّوَاةِ) أَيْ كَوْنِ رُوَاةِ أَحَدِهِمَا أَتْقَنَ وَأَحْفَظَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا سَيُذْكَرُ، (وَكَثْرَتِهِمْ) فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ (فِي خَمْسِينَ وَجْهًا) مِنَ الْمُرَجِّحَاتِ، ذَكَرَهَا الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ " الِاعْتِبَارُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ "، وَوَصَّلَهَا غَيْرُهُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، كَمَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute